ومن أبرز خلفاء وشيوخ الطريقة القادرية البريفكانية العلية، السيد الشريف العارف بالله الشيخ عبد القهار البريفكاني القادري ابن الشيخ عبد الجبار بن الشيخ عبد القهار بن الشيخ عبد الله البريفكاني شقيق الإمام المجدد القطب نور الدين البريفكاني قدس سره العزيز.
ولد الشيخ عبد القهار قدس سره سنة (1291هـ-1874م)، في بريفكان في أسرة شريفة تعرف بالتقوى والصلاح والعلم والمعرفة، وفيها مشيخة الطريقة القادرية في تلك البلاد، وقد تربى وهو وإخوته الأربعة وهم الشيخ نوري والشيخ محسن والشيخ محيي الدين والشيخ منور في ظل والده الشيخ عبد الجبار البريفكاني، الذي كان يتولى شؤون تكية بريفكان المباركة، فنشأ وترعرع في رحاب تكية الشيخ نور الدين المباركة، والتي كانت عامرة بالذكر والعلم ويرتادها خلفاء الشيخ وتلاميذه، فانتفع بوالده كثيراً.
كما تلقى السلوك والطريقة في صغره عن عم والده وجده لأمه الشيخ محمد نوري الدهوكي القادري، شيخ الطريقة القادرية في ذلك الوقت، وكبير العائلة البريفكانية، الذي أجازه وخلفه في الطريقة، وقد أخبرني شيخنا العارف بالله الشيخ عبيد الله القادري أن والده الشيخ أحمد القادري تلقى الإجازة من الشيخ عبد القهار بسنده من طريق الشيخ محمد نوري الدهوكي القادري.
كما صحب الشيخ علي كلي رماني خليفة شيخ نور الدين قدس سره، فلازمه وسلك على يديه، وأخذ الخلافة القادرية عنه، كما صحب عمه الشيخ وزوج خالته نور محمد القادري البريفكاني وانتفع به كثيراً، وكذلك له إجازة بالطريقة القادرية من الشيخ محمد علي الأتروشي قدس سره، فكان تلقي الشيخ عبد القهار متنوع المصادر مما جعل منه شخصية بارزة لها أثرها في المجتمع الذي يقيم فيه، فصار مؤهلاً للتصدر على مشيخة الطريقة القادرية النورية.
وبعد حصوله على الخلافة القادرية المباركة، وبعد أن صار مؤهلاً لمشيخة الطريقة القادرية، انتقل من بريفكان إلى قرية مماني، وأسس فيها التكية القادرية المباركة، فصار المريدون وطلاب الطريق يفدون إليه من عشائر الدوسكي والسليفاني وزاخو والسندي والكلي وما يليهم من عشائر الكويان في الأراضي التركية، فانتشرت الطريقة القادرية في تلك القرى والمناطق على يده بشكل كبير، وبقي يرشد ويربي السالكين، ويخرج بين القرى داعياً ومربياً ومرشداً.
يقول الشيخ محمد سعيد ياسين البريفكاني في فضلاء بهدينان: «وهو في حقيقة الأمر كان من المرشدين الناصحين المخلصين نحو الحق والدين، فجاء مجدداً لرسوم الطريقة وحاملاً نور الحقيقة، كما هو دأب الكثير من السلف من تلك الأسرة العريقة في المجد والنصح والنصيحة للدين ولله وللناس أجمع، انتفع الكثير من الناس من إرشاداته للطريق الأقوم، وكان محبوباً ومرغوباً ومعتقداً فيه، ويفد إليه من الأتباع والمريدين لصحبته والقاصدين لطريقته جماعات مزدحمة وزواراً من المتبتلين والمنقطعين إلى الله».
ويقول أيضاً: «وهو ذاته كان تقياً صالحاً متبعاً للكتاب والسنة؛ فتبعه الخاص والعام، وكان له نفوذ قولاً وفعلاً عند عشيرة الدوسكي والسليفاني وزاخو والسندي والكلي وما يليهما من عشيرة كويان في الحدود التركية، وكان يتجول في هذه المناطق كلها مرشداً واعظاً ويشرح لهم الحكام الدينية من واجبات وفرائض والحلال والحرام في الشريعة، وبفضل هذه النصائح والتذكير أصبحت تلك المناطق في ذلك الحين آمنة بعيدة عن المنكرات والمحرمات، ومطهرة من المنهيات صغيرها وكبيرها».
وكان الشيخ قدس سره صاحب هيبة ووقار وله مكانة مرموقة بين الناس، وكان زاهداً بعيداً عن الدنيا ولك ما يتعلق بها، فقد برز إخوته كزعماء ومصلحين ووجهاء بين العشائر، ولكنه تفرغ للطريقة القادرية ولم يبالِ بشيء آخر غيرها من متاع الدنيا وملذاتها.
وقد حدثني سيدي الشيخ سيد محمد القادري والشيخ عبيد الله القادري نقلاً عن والدهما العارف بالله الشيخ أحمد القادري قدست أسرارهم أن الشيخ أحمد القادري في إحدى زياراته للبريفكان التقى به، وكان رجلاً له حال عجيب، عندما تجلس معه كأنك تجلس بفرن، ولما التقى بالشيخ أحمد عانقه وطلب منه أن ينتظره في تكية بريفكان، فذهب الشيخ أحمد وبقي ينتظره مدة طويلة حتى جاء إليه فوجده ينتظره ولم يبرح مكانه، ولما حضر إليه أعطاه الإجازة في الطريقة القادرية، فالحمد لله الذي شرفنا بالاتصال بسنده.
توفي قدس سره في سنة (1336هـ- 1917م)، وكانت وفاته في قريته مامان، ونقل جثمانه الشريف ليجاور آباءه وأجداده في بريفكان المشرفة.
وقد أعقب الشيخ عبد القهار ثلاثة من الأبناء وهم: الشيخ ممدوح وليس له عقب، والشيخ عبد الجبار وله عقب، والشيخ محمد المماني وهو خليفته ومتولي التكية القادرية من بعده، وله عقب ما زالوا يشرفون على التكية إلى الآن.
ومن أشهر خلفائه ولده الشيخ محمد المماني البريفكاني القادري، ومن خلفائه الشيخ سليمان الجرجري القادري، ومن خلفائه في تركيا وسورية شيخنا الشيخ أحمد الأخضر القادري الحسيني قدس سره.
المصدر: روض الجنان في ترجمة قطب البريفكان للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري الحسيني
موقع الطريقة القادرية العلية 2025