🆕 جديد الموقع

📰 التعريف بالطريقة القادرية

📁 القسم: التعريف بالطريقة القادرية
✍️ الكاتب: مخلف العلي القادري
📅 التاريخ: 2025-08-21
👁️ عدد المشاهدات: 864

التعريف بالطريقة القادرية العلية

الطريقة القادرية: هي إحدى الطرق الصوفية، وتعتبر من أقدم الطرق الصوفية من حيث إطلاق تسميتها ونسبتها، ومن حيث تبلورها كمنهج لمدرسة صوفية لها قواعدها وأسسها وأصولها التي تميزها عن غيرها، وتعتبر الأقدم من حيث الحقبة الزمنية وتاريخ النشأة بين الطرق الصوفية المعروفة في البلاد، وهي طريقة تنسب لمؤسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، وسميت بالقادرية نسبة إليه، وقد يسميها البعض بالجيلانية أو الكيلانية نسبة إليه، وسنذكر لكم تعريف الطريقة القادرية المباركة، وهذا التعريف هو من وضعي أنا الفقير إلى الله تعالى، فأقول وبالله التوفيق:

الطريقة القادرية هي: «منهج تربوي سلوكي يعنى بتزكية النفس من الرذائل، وتحليتها بالفضائل، وسلامة القلب من الأمراض، ويتوصل به إلى رضا الله ومحبته، وقائم على العمل بمقتضى مفهوم التصوف الصحيح، الذي هو مقام الإحسان، وفق الآداب والقواعد والأسس والأصول التي وضعها مؤسس الطريقة الإمام الرباني الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، ومن جاء من بعده من أئمة ومشايخ الطريقة القادرية الذين ساروا على منهجه» .

وقد أسس الشيخ عبد القادر رضي الله عنه، طريقته على مجموعة من القواعد والأسس والأصول والآداب المستمدة من الكتاب والسنة، ومن منهج آل البيت الأطهار والصحابة الكرام، ومنهج الأولياء والعارفين الذين أخذ عنهم هذه الطريقة المباركة، فهي طريقة مبنية على الكتاب والسنة.

وقد قال رضي الله عنه في الفتح الرباني: «كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة». وقال في الغنية: «طر إلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة، ادخل عليه ويدك في يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم».

وقد تميز منهجه بالشدة والأخذ بالعزائم، والمجاهدات وطلب العلم ولزوم الشريعة، وسنبين في المباحث الآتية أهم القواعد والأصول التي وضعها الإمام وأتباعه، حتى أقاموا مدرسة سلوكية عظيمة انتشرت في مشارق الأرض ومغاربها، منذ أكثر من تسعمائة سنة، وما زالت قائمة قوية ثابتة بمنهجها العظيم، وقد شهد لطريقته الكثير من العلماء نذكر منهم على سبيل المثال:

شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله  إذ قال: «كان الشيخ عبد القادر متمسكا بقوانين الشريعة، يدعو إليها، وينفر عن مخالفتها، ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة، ومزج ذلك بمخالطة الشاغل عنها غالبا كالأزواج والأولاد، ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره؛ لأنها صفة صاحب الشريعة صلى الله عليه وآله وسلم».

والإمام الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله إذ قال: «طريقته التوحيد وصفا وحكما وحالا، وتحقيق الشرع ظاهرا وباطنا».

والشيخ عدي بن مسافر  رحمه الله  إذ قال: «طريقته الذبول تحت مجاري الأقدار، وموافقة القلب والروح، واتحاد الباطن والظاهر، وانسلاخه من صفات النفس».

ويقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله في طبقاته: «ظهر الشيخ عبد القادر للناس، بعد العشرين وخمسمائة، وحصل له القبول التام من الناس، واعتقدوا ديانته وصلاحه، وانتفعوا به وبكلامه وبوعظه، وانتصر أهل السنة بظهوره، واشتهرت أحواله وأقواله وكراماته ومكاشفاته، وجاءته الفتاوى من سائر الأقطار، وهابه الملوك فمن دونهم».

ويقول الشيخ علي بن الهيتي رضي الله عنه: «كان قدمه التفويض والموافقة، مع التبرؤ من الحول والقوة وكانت طريقته تجريد التوحيد وتوحيد التفريد، مع الحضور في موقف العبودية لا بشيء ولا لشيء».

ويقول الشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه: «الشيخ عبد القادر؛ من يستطيع وصف مناقبه؟ ومن يبلغ مبلغه؟ ذاك رجل بحر الشريعة عن يمينه، وبحر الحقيقة عن يساره، من أيهما شاء اغترف، لا ثاني له في وقتنا هذا».

أما تسمية الطريقة بالقادرية: فلم تكن تسمى بهذا الاسم في زمن الشيخ عبد القادر بل كانت عبارة عن منهج سلوك وعلم وتربية، تحت مسمى الزهد والتصوف والسلوك، كما هو حال غالب أهل التصوف، غير أن مصطلح الطريقة قد ظهر وعرف في زمن الشيخ، وقد أطلق الشيخ على منهجه اسم الطريقة في غير موضع من كتبه، وقد أفرد بابا في كتاب (الغنية) تحت عنوان: (باب فيما يجب على المبتدىء في هذه الطريقة أولا)، وكذلك في بعض قصائده، وهذه دلالة على أنه هو من  أطلق على منهجه اسم الطريقة في زمنه.

وأما تسميتها بالقادرية: فقد ظهرت هذه التسمية في القرن السابع الهجري، وذلك نسبة للشيخ عبد القادر، وصارت كلمة (القادري) تطلق على كل من يتصل نسبه بالشيخ عبد القادر الجيلاني من ذريته الطاهرة، ثم انتشرت هذه التسمية أكثر لتشمل كل من يتلقى السلوك والتربية في المدرسة القادرية، والتي أشرف عليها أولاده، وأحفاده من بعدهم، وفق منهج الشيخ وقواعده التي أسس عليها طريقته، ومن أبنائه الذين أشرفوا عليها نذكر الشيخ عبد الوهاب والشيخ عبد الرزاق رضي الله عنهما، ثم ترسخت التسمية في زمن أحفاده، وظلت تزداد وتنتشر إلى يومنا هذا، حتى صارت كلمة (القادرية) مصطلحا معروفا لا يخرج عن معنيين:

الأول: ذرية الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه.

والثاني: مشايخ المدرسة القادرية وتلاميذها وأتباعها، ثم أطلق بعد ذلك عليهما معا، سواء ذرية الشيخ عبد القادر، أو المنتسبين لمنهجه.

ثم بعد ذلك تبلورت التسمية بشكل واضح وكامل بعد افتتاح الزوايا القادرية وانتشارها على يد أحفاده، وأول من بدأ بهذا هم أبناء الشيخ عبد العزيز، وأول من افتتح تكية وزاوية قادرية هو الشيخ "عثمان القادري" ابن الشيخ عبد العزيز الكيلاني المتوفى سنة: (623هـ)، ثم صارت سنة لهذا المنهج، فأقبل الأشراف والسادة القادريون على افتتاح التكايا والزوايا التي يتجمع فيها المنتسبون لها، وكلها تتصل مباشرة مع المدرسة القادرية ببغداد، أو بجبل سنجار في أيام الغزو المغولي، وصار يطلق عليها اسم القادرية، ثم توسعت لتنتشر في غالب البلاد وذلك نتيجة لانتشار الذرية القادرية في البلاد، بسبب الحروب والتهجير، وبسبب انتشار المجازين بهذه الطريقة في البلاد.  

وأما تسميتها بالقادرية العلية: فيجب أن تعلم  كلمة العلية مأخوذة من العلو، من علا يعلو فهو عالي أو علي، ويكون المعنى الطريقة القادرية ذات الشأن العالي أو العلي، والعلي والعلي كلاهما من أسماء الله الحسنى.

ومصطلح (العلية) مصطلح مستخدم في كل الطرق الصوفية، وليس القادرية فقط، فيقال: القادرية العلية، والرفاعية العلية، والنقشبندية العلية، والشاذلية العلية.

وكذلك يقصد بها بعض السادة الصوفية الانتساب لسيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي ترجع إليه كل سلاسل وأسانيد الطرق الصوفية، وليس في هذا أي حرج وبأس كما يصور البعض، بل كل الفخر والعز بانتسابنا معاشر الصوفية إلى باب مدينة العلم وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وزوج الزهراء البتول عليهما السلام.

وقد أطلق مصطلح (العلية) على الطريقة القادرية سيدنا الشيخ نور الدين البريفكاني في عدة مواضع من كتبه وإجازاته. وقد ألف اليافعي رسالة بعنوان: (‌‌الرساله المكيه في ‌الطريقه ‌العليه ‌القادرية).

ومن أسماء طريقتنا القادرية العلية: البريفكانية أو النورية: وهي تسمية يستخدمها مشايخ وتلاميذ طريقتنا القادرية المتصل سندها بالإمام الرباني الشيخ نور الدين البريفكاني القادري قدس سره العالي، ففي العراق وخاصة الموصل يسمونها: (القادرية النورية)، نسبة لاسم الشيخ نور الدين، وفي سورية وتركيا يسمونها: (القادرية البريفكانية)، نسبة لبلد الشيخ التي ينسب إليها وهي قرية (بريفكان)، نفعنا الله ببركته وأمدنا الله بمدده، آمين.

أما أصل نشأتها: فإن أردنا الحديث عن أصل الطريقة القادرية وغيرها من الطرق العلية وأصل  نشأتها، فإن أصلها يرجع إلى صدر الإسلام، إلى شريعة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الذي جاءنا بالشريعة من الله، فكل الطرق ترجع إلى ذلك الأصل العظيم، وكل الطرق الصوفية ترجع بأسانيدها إلى عصر النبوة، فلا فرق بينها أبدا، وهي موجودة منذ ذلك العصر وامتدت واستمرت إلى عصر التابعين ومن جاء من بعدهم حتى وصلت إلينا، مع العلم أنها لم تكن تسمى بأسمائها التي نعرفها بها الآن، وعرفت بأسمائها فيما بعد، وسميت كل طريقة نسبة إلى مجددها ومؤسسها وإمامها الذي استطاع أن يضع لها الأسس والآداب والتعاليم مستمدا ذلك من الكتاب والسنة، ومن حياة آل البيت الأطهار والصحابة الكرام، ومن منهج الأولياء والعارفين الذين أخذ عنهم طريقته، فنسبت إليه، وما هو إلا حلقة من سلسلتها الشريفة المتصلة بسيد الخلق صلى الله عليه وآله وسلم، ونحن بهذا الكلام إنما نقصد منهج الطريقة المتمثل بالآداب والتعاليم التي تتضمنه.

وأما سندها: فقد تلقاها الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه عن الشيخ أبي سعيد المبارك المخزومي، عن الشيخ علي الهكاري، عن الشيخ أبي الفرج الطرسوسي، عن الشيخ عبد الواحد التميمي، عن الشيخ عبد العزيز التميمي، عن الشيخ أبي بكر الشبلي، عن الشيخ الجنيد البغدادي، عن الشيخ سري السقطي، عن الشيخ معروف الكرخي  عن الشيخ داوود الطائي، عن الشيخ حبيب العجمي، عن الإمام الحسن البصري، عن سيدنا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، عن حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

المصدر: الكنوز النوارنية من أدعية وأوراد السادة القادرية
للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري الحسيني