جديد الموقع
الوفاء لأهل العطاء => مقالات وأبحاث عامة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ عقيدتنا بالشيخ الأكبر => مقالات الشيخ القادري ۞ حكم العتاقة الكبرى والصغرى => فقه التصوف والسلوك ۞ حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً => فقه التصوف والسلوك ۞ الوفاء لأهل العطاء (2) => مقالات وأبحاث عامة ۞ المنظومة الحذيفية => مؤلفات الشيخ القادري ۞ alkhlasaalhama-fr => Ouvrages en Français ۞ alrsalaalhzaifi-fr => Ouvrages en Français ۞ الطراز المذهب في مولد الباز الاشهب => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المقال

عقيدتنا بالشيخ الأكبر

الكاتب: مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 12-06-2024 القراءة: 1857

تعليقات حول الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي

رضي الله عنه وقدس سره العزيز

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:

فقد رأينا وسمعنا الجدل الواسع الذي انتشر مؤخراً حول قضية الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي رضي الله عنه، وكنت اتابع عن بعد هذا الجدل الواسع، ولكن نتيجة لكثرة الأسئلة التي وردتني حول الموضوع رأيت أن أكتب هذا المقال المختصر، فأقول مستعيناً بالله عز وجل وبه التوفيق:

أولاً: رأينا وعقيدتنا بالشيخ الأكبر:

إن عقيدتنا بالشيخ الأكبر أنه رجل صالح وولي من الأولياء، وعالم من العلماء، وقد شهد له الكثير من علماء وأولياء الأمة، وهو أحد رجال الطريق القادري، ونتصل به من عدة أسانيد، ونأخذ عنه الطريق وعلم التصوف.

أما بخصوص ما نجده في بعض كتبه من مسائل خلافية وآراء اجتهادية فنتوقف عندها، فنقبل بعضها، ونترك بعضها، ونسلم لبعضها على أنها مسائل خلافية، ونعتقد بأن كثيراً منها قد دس في كتبه اتباعاً لما قرره كثير من أهل العلم.

ومن باب الأمانة فنحن لسنا مقيدون باتباعه في كل آرائه وأقواله، وإنما نأخذ عنه التصوف والطريق والسلوك وكل ما يتعلق بذلك، وهو عندنا أحد أعمدة هذا الطريق الصوفي، والمرجعية الأساسية لنا في التصوف والطريق هو الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس سره.

ثانياً: مفارقات وتناقضات:

عندما تتمعن بكلام من يصير الجدل حول الشيخ الأكبر تجدهم غير منصفين في ثلاث مسائل وهي:

الأولى: يسترسلون في ذكر أسماء وأقوال من كفر الشيخ الأكبر، ولكنهم يتجاهلون بتعمد ذكر أسماء وأقوال من قال بخلاف ذلك، وشهد بصلاحه وعلمه وولايته.

الثانية: يصرحون بكلامهم ويستفتحونه بقولهم: نحن لا نكفره ولا نقول بكفره، ولكن يبدأ بذكر أقوال العلماء بكفره، وهذا يدل حقيقة على أنه يقول بكفره ويعتقد بذلك لكن لا يصرح بذلك، إنما غايته ابراز كفره فقط.

الثالثة: كلهم يقولون لماذا تنكرون علينا هذا الكلام وهناك العشرات من العلماء قالوا بكفره، فلماذا تمنعونا من قبول أقوالهم، وبنفس الوقت ينكرون علينا أن نتبع المئات من العلماء الذين قالوا بصلاحه وعلمه وولايته، والسؤال: لماذا تبرر لنفسك الوقوع بالشيخ الأكبر اتباعاً لمجموعة من العلماء؟، وتمنع غيرك من الاعتقاد بولايته وصلاحه اتباعاً لمئات العلماء؟، وهذه مفارقة عجيبة، تدل على عدم الاتزان بالطرح.

ثالثاً: أين آداب العلم والعماء في اعذار الغير:

لقد قرر كثير من العلماء أن بعض ما في كتب الشيخ الأكبر مدسوس عليه، وأن بعضها له تأويل على مصطلحات القوم، ولا تجري على ظواهرها، فأقاموا له العذر وأمسكوا عن الوقوع فيه، فلماذا لا يسعهم ذلك، بل يستميتون بإثبات كل نقيصة ودنيئة وكفر وزندقة للشيخ الأكبر، وكأن في نفوسهم شيء، أم هو التعصب الأعمى فقط.

يقول ابن حجر الهيثمي في الفتاوى الحديثية: «فإن ابن عربي برئ من ذلك باعتبار ما علم واستقرى من حاله والحاصل أنه يتعين على كل من أراد السلامة لدينه أن لا ينظر في تلك المشكلات ولا يعول عليها سواء قلنا أن لها باطنا صحيحا أم لا وأن لا يعتقد في ابن عربي خلاف ما علم منه في حياته من الزهد والعبادة الخارقين للعادة وقد ظهر له من الكرامات ما يؤيد ذلك».

ثم لماذا لا يسلمون بأنه اجتهد وأخطأ، هذا غاية ما في الأمر، وما أجمل قول ابن حجر الهيثمي أيضا: «كقوله بإسلام فرعون لأن هذا لا يقتضي كفرا وإنما غايته أنه خطأ في الاجتهاد وهو غير قادح في صاحبه إذ كل من العلماء مأخوذ من قوله ومردود عليه إلا المعصومين والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب».

أخيراً: من يتابع الساحة عن كثب يجد أن فريقاً من الناس كل فترة من الزمن يثيرون نفس الأمر تارة عن السيد البدوي وتارة عن ابن عربي وتارة عن الحلاج وتارة عن غيرهم، ومن المعلوم أنه إن وجد من يقول بضلالهم (حاشاهم من ذلك) فهناك من يقول بعكس ذلك، فما الغاية من هذا الجدل وإثارة الفتنة كل مدة من الزمن، يكفيهم أن يثبتوا على عقيدتهم ويتركوا غيرهم على عقيدته ويجنبوا الأمة هذا الخلاف والجدل الذي لا يأتي منه إلا الشر والفرقة.

والعجيب عندما يتكلمون عن الإسلام والدين، يتبجحون بأنه دين السلام والخلاف وقبول الآخر، ودين الحكمة والموعظة الحسنة، ولكن في الواقع لا يستطيعون قبول من يخالفهم، فيتجرأ أحدهم على تكفير الشيخ الأكبر واتهامه بالزندقة ويخصص دروساً ومحاضرات في الطعن به.

ومن جانب آخر يقيم الدينا ويقعدها على عالم آخر طعن بمن يكفر ابن عربي ورفض قوله، فيعتبر الطعن بمن كفر ابن عربي إساءة للعلماء، بينما لا يرى بأساً من تكفير ابن عربي وغيره بكل بساطة، وهذا كيل بكيالين واجحاف بحق العلم والعلماء، فلما تذب عن حرمة من توافقهم وتمنع غيرك من الذب عن حرمة من يوافقون، سبحان الله العظيم.

وفي الختام: الشيخ الأكبر أحد مشايخنا وأئمتنا رضي الله تعالى عنه وارضاهم، ونفعنا بعلومهم في الدارين، وأمدنا بمددهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

بقلم مخلف العلي القادري

12/6/2024

روابط ذات صلة
المقال السابق
المقالات المتشابهة المقال التالي
الوفاء لأهل العطاء