جديد الموقع
الشيخ أبو بكر القادري => سير مشايخ الطريقة ۞ أهم مشاكل التصوف المعاصر => مقالات في التصوف ۞ اختلاف الأمة المضحك المبكي => مقالات الشيخ القادري ۞ آداب المريدين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ درس تجربة => دروس ومحاضرات فيديو ۞ الوفاء لأهل العطاء => التعريف بشيوخ الطريقة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المادة

كيفية سلوك الطريقة

الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 12-06-2022 القراءة: 5266

كيفية سلوك الطريقة القادرية العلية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين حق حمده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، أما بعد: فهذه رسالة مختصرة وضعتها للفقراء الراغبين بسلوك الطريقة القادرية العلية المباركة، أشرح فيها ما هو المطلوب من طالب السلوك في هذه الطريقة المباركة، وكيفية السلوك فيها، وذلك لكثرة طالبي سلوكها، فأحببت أن أضع لهم هذه الرسالة المباركة لأبين لهم وبشكلٍ واضحٍ كل ما يتعلق بالسلوك، فأقول وبالله التوفيق: أحمد الله تعالى الذي أعزنا بالإسلام وأكرمنا بالإيمان وجعلنا من أمةِ خير الأنام سيدنا محمد صلَّى الله عليه وآله وسلم ، وأحمده تعالى أنْ شرَّفنا بسلوك الطريقة القادرية العلية التي تُنْسَبُ لسيدنا العارف بالله الإمام الرباني سلطان الأولياء والعارفين الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنْه ، وهو من أكابر الأولياء والصالحين، وقد أجمع على صلاحه وولايته وعلمه أهل المشارق والمغارب في زمنه وإلى يومنا هذا، وما عُـرِفَ عنْ ملةٍ أو فرقةٍ أو مذهبٍ طعنَ فيه، بل هو مُقدرٌ ومُكرمٌ ومُبجلٌ عند كل من عرفه وسمع به، وعقيدته كانت على منهج أهل السنة والجماعة، وكان عالماً عاملاً متبحراً في كل العلوم حتى دان له القريب والبعيد، وطريقتنا تُنْسَبُ لهذا العالم الجليل فهو قدوتنا الأولى وأسوتنا بعد رسول الله صلى اللـهُ عليه وآله وسلم، وآله الطاهرين وصحابته الكرام.

وقد وصفه الإمام النووي رضي الله عنْه فقال: ما علمنا فيما بلغنا من الثقات الناقلين وكرامات الأولياء أكثر مما وصل إلينا من كرامات القطب شيخ بغداد محيي الدين عبد القادر الجيلي, كان شيخ السادة الشافعية والسادة الحنابلة ببغداد، وانتهت إليه رياسة العلم في وقته, وتخرج بصحبته غير واحدٍ من الأكابر، وانتهى إليه أكثر أعيان مشايخ العراق وتتلمذ له خلق لا يُحصون عدداً من أرباب المقامات الرفيعة, وانعقد عليه إجماع المشايخ والعلماء بالتبجيل والإعظام, والرجوع إلى قوله والمصير إلى حكمه, وأُهرِعَ إليه أهل السلوك من كل فج عميق وكان جميل الصفات شريف الأخلاق، كامل الأدب والمروءة، كثير التواضع، دائم البشر، وافر العلم والعقل، شديد الاقتفاء لكلام الشرع وأحكامه، مُعظِّماً لأهل العلم مُكرِّماً لأرباب الدين والسنة, مُبْغِضاً لأهل البدع والأهواء محباً لمريدي الحق، مع دوام المجاهدة ولزوم المراقبة إلى الموت وكان له كلام عال في علوم المعارف، شديد الغضب إذا انتُهِكت محارم الله سبحانه وتعالى، سخي الكف كريم النفس على أجمل طريقة وبالجملة لم يكن في زمنه مثله رضي الله عنْه.

وإِمَامُنا رضي الله عنْه تبحر في علوم الشريعة قبل أنْ يخوض في علوم التصوف والسلوك، وفي الأصل هما لا ينفكان عن بعضهما، وهذا من أهم الأسس التي نريد أنْ نجددها ونحافظ عليها بعيداً عن كل ما دخل في الطريقة القادرية من مخالفات حتى يكون طريقنا إلى الله صحيح. ولقد منَّ الله علينا بسلوك هذا المنهج العظيم الطيب المبارك، وزاد المِنَّةَ والفضل علينا وجعلنا ممن يحملون الأمانة العظيمة في نشر هذه الطريقة العلية وتسيير أمورها في أنحاء البلاد الإسلامية، ووالله إنه لشرف عظيم ومهمة طيبة عظيمة، فيها الخير وفيها الهداية وفيها التجارة العظيمة مع الله تعالى، وإنه لفضل عظيم أمدنا الله به وأكرمنا وشرفنا به، فافرحوا أبنائي وأحبابي بهذه الطريقة العظيمة، وهذا بفضل الله وبدعاء وتوجيه مشايخنا الكرام حفظهم الله تعالى، ولكن لا يكتمل الفضل ويشرق النور إلا إن لزمنا وصايا وتعاليم هذه الطريقة المباركة وحافظنا على آدابها، وإلا كانت وبالاً علينا وسنسأل عنها فإنها أمانة عظيمة، وسأبين في هذه الرسالة كل ما هو متعلق بكيفية السلوك لتكون الطريق واضحة أمامه فيدخلها على بينة دون أي شبهة أو أي خلل في طريقه، فيعرف طالب السلوك ما المطلوب منه قبل سلوك هذه الطريقة المباركة، فإذا عزم على سلوكها يعرف ما الأعمال المطلوبة منه في بداية السلوك، ولتكون كذلك منهجاً ودستوراً للخلفاء والوكلاء والمجازين في هذه الطريقة المباركة ليعرفوا كيفية التعامل مع السالكين، حيث إنَّ الكثير منهم يجهل هذه القواعد والكيفيات فيسير في السالكين بدون بصيرة فتمر الأيام والشهور والسنون على السالك ولا يتقدم في هذه الطريقة ولو خطوة واحدة، وما ذلك إلى لعدم المعرفة بقواعد ومنهج هذه الطريقة وكيفية السلوك فيها، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.

تعريف الطريقة القادرية العلية

وطريقتنا القادرية العلية هي: ذلك المنهج التربوي والسلوكي الذي تُكْتَسَبُ به الأخلاق الفاضلة، ويُتَخَلصُ به من الأخلاق الذميمة، ويُتَوَصَلُ به إلى رضا الله تعالى، وِفْقَ الآداب والقواعد والأسس المأخوذة والمنقولة والواردة عن منهج الشيخ عبد القادر الجيلاني ، ومن جاء بعده من مشايخ الطريقة القادرية العلية الذين ساروا على منهجه القويم.

وكما قلنا سابقاً أن الطرق كلها واحدة والاختلاف في الآداب والمنهج التربوي وأسلوب التربية، وكل هذه الآداب خاضعة للكتاب والسنة، وكل من خالفهما فليس من الطريقة في شيء وأمره كل رد عليه. وفي هذا يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني: طريقتنا مبنية على الكتاب والسنة فمن خالفهما فليس منا. وقال في الفتح الرباني: كل حقيقة لا تشهد لها الشريعة فهي زندقة. وقال في الغنية: طر إلى الحق عز وجل بجناحي الكتاب والسنة ادخل عليه ويدك في يد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم. وقد تميز الشيخ عبد القادر الجيلاني بالشدة في التربية فطريقته قائمة على المجاهدة وطلب العلم ولزوم الشريعة، وقد شهد لطريقته الكثير من العلماء نذكر منهم على سبيل المثال:

يقول شيخ الإسلام شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني: كان الشيخ عبد القادر متمسكاً بقوانين الشريعة, يدعو إليها وينفر عن مخالفتها، ويشغل الناس فيها مع تمسكه بالعبادة والمجاهدة، ومزج ذلك بمخالطة الشاغل عنها غالباً كالأزواج والأولاد, ومن كان هذا سبيله كان أكمل من غيره لأنها صفة صاحب الشريعة صلَّى الله عليه وآله وسلم ([1]).

ويقول عنه الإمام عبد الوهاب الشعراني: طريقته التوحيد وصفاً وحكماً وحالاً وتحقيقه الشرع ظاهرا وباطناً ([2]).

ويقول عنه الشيخ عدي بن مسافر: طريقته الذبول تحت مجاري الأقدار موافقة القلب والروح واتحاد الباطن والظاهر وانسلاخه من صفات النفس([3]).

ويقول عنه الشيخ علي بن الهيتي وهو من أشهر خلفاءه: كان قدمه التفويض والموافقة مع التبرؤ من الحول والقوة وكانت طريقته تجريد التوحيد وتوحيد التفريد مع الحضور في موقف العبودية لا بشيء ولا لشيء ([4]).

الواجب على المريد في هذه الطريقة قبل دخولها

بعد أن بينا كل ما يتعلق بالطريقة من حيث معناها وتعريفها وأهميتها ونشأتها وانتشارها، لابد من أن نبين كيفية الدخول فيها، وكيفية أخذ العهد والبيعة القادرية، وقبل ذلك كله لابد أن نبين لكل من يريد السلوك فيها ما المطلوب منه قبل ذلك وماذا ينبغي عليه، وخير من يبين هذا هو إمام الطريقة سيدي الشيخ عبد القادر رضي الله تعالى عنه، وسننقل كلامه كاملاً دون نقصان حتى يتبين لكل سالك ماله وما عليه قبل السلوك:

يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه في كتابه الغنية تحت عنوان – باب فيما يجب على المريد في هذه الطريقة أولاً-: فالذي يجب على المبتدئ في هذه الطريقة الاعتقاد الصحيح الذي هو الأساس، فيكون على عقيدة السلف الصالح أهل السنة القديمة، سنة الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين والأولياء والصديقين، على ما تقدم ذكره وشرحه في أثناء الكتاب.

فعليه بالتمسك بالكتاب والسنة والعمل بهما أمراً ونهياً، أصلاً وفرعاً، فيجعلهما جناحيه يطير بهما في الطريق الواصل إلى الله عز وجل، ثم الصدق ثم الاجتهاد، حتى يجد الهداية والإرشاد إليه والدليل، وقائداً يقوده، ثم مؤنساً يؤنسه، ومستراحاً يستريح إليه في حالة إعيائه ونصبه وظلمته عند ثوران شهواته ولذاته وهنات نفسه وهواه المضل، وطبعه المجبول على التثبط والتوقف عن السير في الطريق قال الله عز وجل: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) [العنكبوت: ٦٩] .

وقال الحكيم: من طلب و جد وجد. فبالاعتقاد يحصل له علم الحقيقة، وبالاجتهاد يتفق له سلوك الحقيقة، ثم يجب عليه أن يخلص مع الله عز وجل عهداً بألاَّ يرفع قدماً في طريقه إليه ولا يضعها إلا بالله ما لم يصل إلى الله، فلا ينصرف عن قصده بملامة مليم، لأن الصادق لا يرجع، ولا بوجود كرامة فلا يقف معها، ويرضى بها عن الله عز وجل عوضاً إذ هي حجابه عن ربه ما لم يصل إليه عز وجل، فإذا حصل الوصول لا تضره الكرامات، إذ هي من باب القدرة وثمراتها وعلاماتها، ووصوله إلى الحق عز وجل من القدرة، فلا ينقض الشيء نفسه، وكيف وقد يصير هو حينئذٍ قدوةً في الأرض، وخرق عادة وكلامه حكمة بالغة من بعد جهل وعجمة وبلادة وقصور، وحركاته وسكناته وتصاريفه عبرة لمن اعتبرها، وأفعال الله تجري فيه وعليه مما يبهر العقول، ثم قد يؤمر حينئذ بطلب الكرامة ويجبر عليها، وتحقق عنده أن دماره وهلاكه في ترك الطلب ومخالفة هذا الأمر وثباته وبقائه وعبادته وقربته ومرضاة ربه ودنوه منه وزيادة محبة ربه له في طلبها وامتثال أمره فيها. فكيف تضره الكرامة حينئذ أن يكون ذلك بينه وبين ربه عز وجل، ولا يظهره لأحد من العوام إلا أن يغلب عليه ظهوره. لأن من شرط الولاية كتمان الكرامات ومن شروط النبوة والرسالة إظهار المعجزات، ليقع بذلك الفرق بين الولاية والنبوة، ولا ينبغي له أن يعرج له في أوطان التقصير، ولا يخالط المقصرين والباطلين أبناء قيل وقال، أعداء الأعمال والتكاليف المدعين للإسلام والإيمان، الذين قال الله عز وجل في حقهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) [الصف: ٢ – ٣]. وقال في أختها: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44) [البقرة: ٤٤].

وينبغي له ألاَّ يضن ببذل الميسور، ولا يبخل بالموجود خوفاً أن ينال مثله للإفطار والسحور، ويقطع في نفسه وبقلبه علماً بأن الله لم يخلق ولياً له في سالف الدهور بخيلاً ببذل الميسور.

وينبغي له أن يرضى بالذل الدائم وحرمان النصيب، والجوع الدائم والخمول، وذم الناس له، وتقديم أضرابه وأشكاله وأقرانه عليه في الإكرام والعطاء، والتقريب عند الشيوخ ومجالس العلماء، فيجوع هو والجماعة يشبعون، والكل أعزاء، ونصيبه الذل، ويعز الجميع ويكون يستخير لنفسه الذل ويجعله له نصيباً، ومن لم يرضَ بهذا ويوطن نفسه عليه فلا يكاد أن يفتح عليه، ويجيء منه شيء فالنجاح الكلي والفلاح فيما ذكرنا.

وينبغي له ألاَّ ينتظر من الله مطلوباً سوى المغفرة لما سلف من الذنوب، والعصمة فيما يأتي من الدهور، والتوفيق لما يحبه من الطاعات، ويوصله إليه من القربات، ثم الرضا عنه في الحركات والسكنات، والتحبب إلى الشيوخ من الأولياء والأبدال، إذ ذاك سبب لدخوله في زمرة الأحباب ذوي العقول والألباب، الذين عقلوا من رب الأرباب، واطلعوا على العبر والآيات، فصفت حينئذ القلوب والضمائر والنيات، فهذا الذي ذكرته في صفة المريد، ومالم يتجرد قلبه عن جميع الطلبات والمآرب، وينتفي عن غيرها ما ذكرنا من الحوائج والمطالب، لا يكون مريداً على نعت الاستحقاق.

انتهى كلام الشيخ.

مفهوم سلوك الطريقة وكيفيتها

بعد أن بينا معنى الطريقة وتعريفها ومضمونها لابد أن نبين مفهومها وكيفيتها، وكيف يصبح المسلم من أصحاب الطريقة، ومفهومها ينقسم إلى قسمين:

المفهوم الأول: وهو المفهوم الحقيقي لها الذي يتمثل بمعناها الذي سبق بيانه من خلال تعريفها وهي: المنهج التربوي والسلوكي الذي تكتسب به الأخلاق الفاضلة ويتخلص به من الأخلاق الذميمة ويتوصل به إلى رضا الله تعالى.

وهذا واجب على كل مسلم من المسلمين أن يسلكه لأن الله قد أمره به. ولا أظن أن هناك من يعترض على هذا القول ويقول: أن تزكية النفس وتربيتها ليست واجبة على كل مسلم من المسلمين.

وقد قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى: الدخول مع الصوفية فرض عين إذ لا يخلو أحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن خلال ما بيناه يتضح بوضوح كوضوح الشمس في رابعة النهار أن علم التصوف بالمعنى الصحيح هو فرض على كل مسلم بل ولا غنى لكل مسلم يريد الله عن علم التصوف فكلنا بحاجة لتصفية القلب وتزكية النفس والوصول إلى الله.

المفهوم الثاني: وهو تطبيق المعنى الحقيقي الذي سبق ذكره وذلك من خلال السلوك على يد شيخ تقي صالح عارف بالله مخصوص بعينه، من خلال أخذ العهد والبيعة على يده، وذلك كما قرره أهل الطريق رضوان الله تعالى عليهم، والبيعة هذه إنما هي في حقيقتها تجديد للبيعة التي بايعها النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم لأصحابه من الالتزام بشريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر بها، وهذا الأمر إنما قرره الصالحون وجعلوه أساساً لسلوك طريقة القوم رضي الله تعالى عنهم، وذلك وفق أسانيد وإجازات متصلة إلى حضرة الحبيب المصطفى صلَّى الله عليه وآله وسلم.

يقول أبو الحسن الندوي رحمه الله في كتابه المسلمون في الهند: إن هؤلاء الصوفية كانوا يبايعون الناس على التوحيد والإخلاص واتباع السنة، والتوبة عن المعاصي وطاعة الله ورسوله، ويحذرون من الفحشاء والمنكر والأخلاق السيئة والظلم والقسوة، ويرغبونهم في التحلي بالأخلاق الحسنة، والتخلي عن الرذائل مثل الكبر والحسد والبغضاء والظلم وحب الجاه، وتزكية النفس وإصلاحها، ويعلمونهم ذكر الله والنصح لعباده والقناعة والإيثار، وعلاوة على هذه البيعة التي كانت رمز الصلة العميقة الخاصة بين الشيخ ومريديه إنهم كانوا يعضون الناس دائماً، ويحاولون أن يلهبوا فيهم عاطفة الحب لله سبحانه، والحنين إلى رضاه، ورغبة شديدة لإصلاح النفس وتغيير الحال. أما تفصيل البيعة وكيفيتها وأدلتها فسيأتي بيانه لاحقاً في موضعه من الكتاب.

أهمية الطريقة في حياة المسلم

الذي يتمعن فيما ذكرناه من تعريف الطريقة لغة وشرعاً، ويتمعن فيما ذكرناه في بحث التصوف حيث بينا أهميته ومفهومه ومعناه وحكمه يتبين له وبكل وضوح أنه لا غنى لمسلم عن سلوك منهج التصوف ولا عن سلوك الطريقة المتمثلة بالتعريف الذي ذكرناه:

المنهج التربوي والسلوكي الذي تكتسب به الأخلاق الفاضلة ويتخلص به من الأخلاق الذميمة ويتوصل به إلى رضا الله تعالى،

لأن هذا هو مراد الله عز وجل من جميع خلقه، ومراده من إرسال الرسل، ومن إنزال الكتب والشرائع السماوية، وهو الذي قال في كتابه العزيز: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) ، والطريقة كما ذكرنا هي التي تمثل مقام الإحسان، بل يكاد يكون سلوك الطريقة واجباً على كل مسلم وقد سبق معنا قول الإمام الحافظ السيد محمد صديق الغماري رحمه الله تعالى عندما سُئل عن أول من أسس التصوف وهل هو بوحي سماوي؟ فأجاب: أما أول من أسس الطريقة فلتعلم أن الطريقة أسسها الوحي السماوي في جملة ما أسس من الدين المحمدي, إذ هي بلا شك مقام الإحسان الذي هو أحد أركان الدين الثلاثة التي جعلها النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم بعد ما بينها واحداً واحداً دينا بقوله: هذا جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم، فالإسلام طاعة وعبادة, والإيمان نور وعقيدة, والإحسان مقام مراقبة ومشاهدة: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ثم قال السيد محمد صديق الغماري: فإنه كما في الحديث عبارة عن الأركان الثلاثة فمن أخل بهذا المقام (الإحسان) الذي هو الطريقة, فدينه ناقص بلا شك لتركه ركناً من أركانه. فغاية ما تدعو إليه الطريقة وتشير إليه هو مقام الإحسان بعد تصحيح الإسلام والإيمان. ولو رجعنا إلى سيرة السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم لوجدناهم كلهم بدون استثناء كانوا متصوفون بمنهجهم يسلكون طريقة الإسلام التي هي تحمل نفس المعاني التي بيناها في تعريف التصوف والطريقة، ولو لم يتسموا باسم التصوف ولا باسم الطريقة لكن المعنى واحد والمنهج واحد والسلوك واحد، وبل كانت لهم مدارس في ذلك تخصصت بإصلاح النفوس وتزكيتها، كمدرسة أبي هريرة وأبي الدرداء وأبي ذر وعبد الله بن رواحة هؤلاء الصحابة الكبار، الذين أسسوا مدارس الزهد الكبرى، بل وعلى رأسها مدرسة الخلفاء الراشدين الذين علموا الناس الزهد والسلوك الحقيقي، ثم جاءت بعدهم مدارس التابعين كالحسن البصري، سعيد بن جبير وغيرهما من التابعين، ثم من جاء بعدهم كالفضيل بن عياض وإبراهيم بن أدهم ومعروف الكرخي وسري السقطي والجنيد البغدادي وغيرهم ... من علماء هذه الأمة الفاضلة، فقد كان هؤلاء ملاذاً للناس وملاذاً للعلماء في تزكية النفوس وتطهيرها. وقد ذكر ذات مرة احد الجالسين في مجلس الإمام أحمد معروف الكرخي بسوء واعتراض فنهره الإمام أحمد وقال: وهل يراد علمنا إلا لما وصل إليه معروف، وهو الذي كان يأمر أبنه عبد الله بصحبه الصوفية، وكذلك الشافعي أحب صحبتهم، ومالك أثنى عليهم.

وبعد كل هذا الكلام من الذي يقول إن الطريقة والتصوف غير مهمين في حياة المسلم، ومن منا غير محتاجٍ لإصلاح نفسه ولسلامة قلبه، ولا سبيل لذلك إلا بسلوك هذا المنهج العظيم، بغض النظر عما دخل فيه من الدسائس والبدع فالأصل صحيح وثابت ولا شك في ذلك ويبين هذا ما رواه البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍt قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ: ((أَلاَ وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ )). فمن أراد إصلاح قلبه وتزكية نفسه فلا غنى له عن منهج السادة الصوفية ولا عن سلوك طريقتهم بحال من الأحوال، بل لا سبيل له إلى ذلك إلا بهذا السبيل العظيم، ويتوجب عليه للوصول إلى غايته.

وقد قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله تعالى: الدخول مع الصوفية فرض عين إذ لا يخلو أحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومن خلال ما بيناه يتضح بوضوح كوضوح الشمس في رابعة النهار أن علم التصوف بالمعنى الصحيح هو فرض على كل مسلم بل ولا غنى لكل مسلم يريد الله عن علم التصوف فكلنا بحاجة لتصفية القلب وتزكية النفس والوصول إلى الله.

وسيتجلى لك هذا المعنى الذي أردناه من وجوب سلوك منهج التصوف وطريقة القوم عندما تقرأ وتعرف عن مدى أهمية صحبة المرشد الكامل الذي يدلك على الله تعالى وبينا لك طرفا من ذلك أيضا في بحث التصوف.

تنبيه هام: وهنا قد يخطر في بال البعض استفسار هام وهو: هل يتوجب على الإنسان سلوك الطريقة بالمعنى السائد بين الناس وهو الالتزام بمنهج شيخ معين وأخذ البيعة على يده، أم الواجب عليه تطبيق منهج التصوف وآداب الطريقة وفي هذا كفاية؟.

الجواب: من قال بأن الالتزام بمنهج شيخ مخصوص بعينه فقد أخطأ، فإنه لم يرد عن أحد من العلماء والعارفين مثل هذا القول أبداً، بل الذي يتوجب عليه هو سلوك المنهج التربوي بتعاليمه وآدابه الذي استنبطه أهل الله من كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلَّى الله عليه وآله وسلم ويكفي أن يكون به عارفا بصيراً. لكن الأولى من ذلك هو صحبة رجل صالح عارف يستطيع أن يبصرك بالطريق إلى الله تعالى بعيداً عن كل المهاوي التي قد يقع بها السالك عندما يسير لوحده فالشيطان رفيقه والنفس ملازمة له طوال طريقه، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، وصحبة مرشد كامل أو أخ صالح مسألة ضرورية في حياة المسلم الذي يريد الله تعالى. فالصاحب يكتسب صفات صاحبه بالتأثير الروحي والاقتداء العملي فإن صاحب الصالحين صار منهم وإذا صاحب الغافلين صار منهم فالمسألة متوازنة فلذلك، وسنبين هذه المسألة في بحث المرشد إن شاء الله تعالى.

كيفية السلوك والدخول في الطريقة القادرية العلية

أخي السالك: لقد أطلعتك فيما مضى من هذه الرسالة المباركة على كل ما يتعلق بالطريقة القادرية العلية من تعريفها وقواعدها وآدابها وسندها ومفهومها وضرورتها وأهميتها في حياة المسلم، كما بينت لك المطلوب منك قبل الدخول فيها، وقد أصبح المنهج عندك واضحاً كوضوح الشمس في رابعة النهار.

فإذا عزمت سلوك هذه الطريقة المباركة وشرح الله تعالى صدرك للدخول في زمرة فقرائها وسالكيها، وأردت معرفة كيفية الدخول فيها، فها هنا ستجد كل الخطوات الواجب اتباعها قبل سلوك هذه الطريقة المباركة.

وقد أصبحت الآن على دراية كاملة بمنهج هذه الطريقة المباركة الذي أنت مقبلٌ عليه، وسأبين لك الآن الخطوات الأساسية للدخول فيها وسلوكها والانضمام لأبنائها الفقراء السالكين لتكون على بينة من أمرك قبل الدخول.

واعلم أنه هناك ثلاث خطوات لتتمكن من سلوك هذه الطريقة المباركة وهي:

· البدء بـقـراءة الــــــــورد اليومي للسالك في الطريقة القادرية العلية المباركة.

· العمل بأسماء الأنفس السبعة الفروع في الطريقة القادرية العلية المباركة.

· أخـذ العـهــد الشـريف والبيعة المباركة في الطريقة القادرية العلية المباركة.

وسنبين لك الآن ونشرح لك كل خطوة من خطوات السلوك الثلاث في الطريقة ونبين لك كيفية العمل بها، وما الغاية منها، لعل الله تعالى يوفقك في سلوكك وتكون من الصالحين فيها، فنقول وبالله التوفيق:

الخطوة الأولى قبل السلوك قراءة الورد اليومي

واعلم ولدي السالك أنَّ أول الخطوات لسلوك هذه الطريقة هي البدء بقراءة الورد اليومي وهو مكون من ثلاثة أقسام وهي:

1) الوظيفة اليومية في الطريقة القادرية العلية.

2) التوهيبات القادرية في الطريقة القادرية العلية.

3) حزب الإمام النووي الشريف.

واعلم أن الوظيفة والتوهيبات تقرأ كل منهما مرة واحدة، وأما حزب الإمام النووي فيقرأ مرتين في اليوم مرة بعد الفجر ومرة بعد المغرب، فإنْ تَعَسَّرَ قراءتها في هذه الأوقات جاز قراءتها في أي وقتٍ تتمكن فيه من قراءتهما، ويستحب قراءة الورد بجلسةٍ واحدةٍ وأنت تجلس جلسة الصلاة مستقبلاً القبلة الشريفة، فإن تَعَسَّرَ ذلك فجاز أن تجلس كما ترتاح، ويجوز قراءته واقفاً وماشياً ولا حرج في ذلك. وتكون مدة العمل بهذه الأوراد المباركة قبل السلوك لمدة سبعة أيام متوالية، دون انقطاع عنها، فإن وجدت في نفسك القدرة على التحمل والعمل بهذه الأوراد فتابع سيرك لأن هذه الأوراد ستكون ملازمة ولازمة لك طيلة الحياة ولا تترك بأي حال من الأحوال إلا للضرورة، وهذه هي الأوراد المباركة:

الوظيفة اليومية في الطريقة القادرية العلية

·اسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ....................................................(100مرة )

·لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ................................................................(200مرة )

·اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ وَسَلِّمْ عدد علمك..(100مرة )

·الفاتحـــــة .....................................................................(100مرة )

ملاحظة: يستحب قراءتها بعد الفجر فإن تعذر ففي أي وقت، ويستحب قراءتها في حالة الجلوس كجلسة الصلاة مستقبل القبلة، فإن تعذر فيجوز قراءتها في حال.

ورد التوهيبات في الطريقة القادرية العلية

· اسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ...............................(100مرة )

· الفاتحـــــة....................................................(20مرة )

· آية الكــرسي...............................................(20مرة )

· سورة الإخلاص...........................................(40مرة )

ملاحظة: يستحب قراءتها بعد الفجر فإن تعذر ففي أي وقت، ويستحب قراءتها في حالة الجلوس كجلسة الصلاة مستقبل القبلة، فإن تعذر فيجوز قراءتها في حال.

وبعد الانتهاء من التوهيبات تقرأ هذا الدعاء:

اللَّهُمَّ بلغ وأوصل ثواب ما قرأت ونور ما تلوت إلى حضرة الحبيب المصطفى صلى الله عليهِ وآله وسلم وآل بيته، وإلى السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وإلى الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام ، وإلى الإمام الحسن عليه السلام ، وإلى الإمام الحسين عليه السلام، وإلى الإمام علي زين العابدين عليه السلام ، وإلى الإمام محمد الباقر عليه السلام ، وإلى الإمام جعفر الصادق عليه السلام ، وإلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وإلى الإمام علي الرضا عليه السلام ، وإلى الشيخ معروف الكرخي رضي الله عنْه ، وإلى الشيخ السري السقطي رضي الله عنْه ، وإلى الشيخ الجنيد البغدادي رضي الله عنْه ، وإلى الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنْه ، وإلى الشيخ نور الدين البريفكاني القادري، وإلى الشيخ أحمد الأخضر القادري، وإلى الشيخ سيد محمد القادري، وإلى حضرة الشيخ عبيد الله القادري، وإلى أولياء الطريقة القادرية رضي الله تعالى عنهم ونفعنا بهم.

واغفر لعبدك مخلف العلي القادري وتقبل منه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وسلم.

حزب الإمام النووي المبارك

بسم الله الرحمن الرحيم

بِسْمِ اللهِ: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَقُولُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى دِينِي، وَعَلَى أَهْلِي وَعَلَى أَوْلَادِي، وَعَلَى مَالِي وَعَلَى أَصْحَابِي، وَعَلَى أَدْيَانِهِمْ وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ أَلْفَ بِسْمِ اللهِ. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَقُولُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى دِينِي، وَعَلَى أَهْلِي وَعَلَى أَوْلَادِي، وَعَلَى مَالِي وَعَلَى أَصْحَابِي، وَعَلَى أَدْيَانِهِمْ وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ، أَلْفَ أَلْفِ بِسْمِ اللهِ. اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، أَقُولُ عَلَى نَفْسِي وَعَلَى دِينِي، وَعَلَى أَهْلِي وَعَلَى أَوْلَادِي وَعَلَى مَالِي وَعَلَى أَصْحَابِي وَعَلَى أَدْيَانِهِمْ وَعَلَى أَمْوَالِهِمْ أَلْفَ أَلْفِ لَا حَوْلَ وَلَا قُّوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. بِسْمِ اللهِ وَبِاللهِ وَمِنَ اللهِ وَإِلَى اللهِ وَعَلَى اللهِ وَفِي اللهِ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُّوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ، بِسْمِ اللهِ عَلَى دِينِي وعَلَى نَفْسِي وَعَلَى أَوْلَادِي، بِسْمِ اللهِ عَلَى مَالِي وَعَلَى أَهْلِي, بِسْمِ اللهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَعْطَانِيهِ رَبِّي، بِسْمِ اللهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبِّ الأَرَضِينَ السَّبْعِ وَرَبِّ العَرْشِ العَظِيمِ. بِسْمِ اللهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ ( ثَلَاثَاً). بِسْمِ اللهِ خَيْرِ الأَسْمَاءِ فِي الأَرْضِ وَفِي السَّمَاءِ، بِسْمِ اللهِ أَفْتَتِحُ وَبِهِ أَخْتَتِمُ. اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ، اللَّهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئَاً، اللَّهُ اللَّهُ اللَّهُ، اللَّهُ رَبِّي لَا إلهَ إِلَا اللَّهُ، اللَّهُ أَعَزُّ وَأَجَلُ وَأَكْبَرُ مِمَّا أَخَافُ وَأَحْذَرُ. بِكَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَمِنْ شَرِّ غَيرِي، وَمِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ رَبِّي وَذَرَأَ وَبَرَأَ، وَبِكَ اللَّهُمَّ أَحْتَرِزُ مِنْهُمْ، وَبِكَ اللَّهُمَّ أَعُوذُ مِنْ شُرُورِهِمْ، وَبِكَ اللَّهُمَّ أَدْرَأُ فِي نُحُورِهِمْ، وَأُقَدِّمُ بَينَ يَدَيَّ وَأَيدِيهِمْ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)(ثَلَاثَاً).

وَمِثْلُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ عَنْ شِمَالِي وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ أَمَامِي وَأَمَامِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ خَلْفِي وَمِنْ خَلْفِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ فَوْقِي وَمِنْ فَوْقِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ تَحْتِي وَمِنْ تَحْتِهِمْ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مُحِيطٌ بِي وَبِهِمْ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ لِي وَلَهُمْ مِنْ خَيرِكَ بِخَيرِكَ الَّذِي لَا يَمْلِكُهُ غَيرُكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي وَإِيَاهُمْ فِي عِبَادِكَ وَعِيَاذِكَ وَعِيَالِكَ وَجِوَارِكَ وَأَمْنِكَ وَحِزْبِكَ وَحِرْزِكَ وَكَنَفِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيطَانٍ وَسُلْطَانٍ وَإِنْسٍ وَجَانٍ وَبَاغٍ وَحَاسِدٍ وَسَبُعٍ وَحَيَّةٍ وَعَقْرَبٍ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ. حَسْبِيَ الرَّبُ مِنَ المـَرْبُوبِينَ، حَسْبِيَ الخَالِقُ مِنَ المـَخْلُوقِينَ، حَسْبِيَ الرَّازِقُ مِنَ المـَرْزُوقِينَ، حَسْبِيَ السَّاتَرُ مِنَ المـَسْتُورِينَ، حَسْبِيَ النَّاصِرُ مِنَ الـمَنْصُورِينَ، حَسْبِيَ القَاهِرُ مِنَ الـمَقْهُورِينَ، حَسْبِي الَّذِي هُوَ حَسْبِي، حَسْبِي مَنْ لَمْ يَزَلْ حَسْبِي، حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، حَسْبِي اللَّهُ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ. إنَّ وليِّيَ اللهُ الذي نَزَّلَ الكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالحين، وإذا قَرَأْتَ القُرْءانَ جعَلْنا بينك وبين الذينَ لا يُؤْمنونَ بالآخِرَةِ حجاباً مسْتوراً، وجعلنا على قُلُوبِهمْ أَكِنَّةً أنْ يَفْقَهُوهُ وفي ءاذانِهمْ وَقْراً، وإذا ذَكَرْتَ ربَّكَ في القُرْءانِ وَحْدَهُ وَلَّوْا علَى أدْبارِهِمْ نُفُوراً.

(فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ) ( سبعا)

وَلَا حَوْلَ وَلَا قُّوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ(ثَلَاثَاً). وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

ثُمَّ يَنْفُثُ عَنْ يَمِينِهِ ثَلَاثَاً وعَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثَاً وَأَمَامَهُ ثَلَاثَاً وَخَلْفَهُ ثَلَاثَاً

خَبَّأْتُ نَفْسِي فِي خَزَائِنِ بِسْمِ اللهِ، أَقْفَالُهَا ثِقَتِي بِاللهِ، مَفَاتِيحُهَا لَا قُّوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، أَدْافَعُ بِكَ اللَّهُمَّ عَنْ نَفْسِي مَا أُطِيقُ وَمَا لَا أُطِيقُ، لَا طَاقَةَ لِمَخْلُوقٍ مَعَ قُدْرَةِ الخَالِقِ (ثَلَاثَاً). حَسْبِي اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُّوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ. وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

ولا يزيد على هذه الأوراد شيئاً أبداً حتى يأمره الشيخ بذلك

وهذه الأوراد كما بينا سابقاً تعطى لطالب السلوك في أول رغبته بالسلوك في طريقتنا المباركة قبل الانتساب إليها، وذلك لمدة سبعة أيام أو يزيدها إلى اثني عشر يوماً أو إلى واحد وعشرين يوماً، حسب ما يجد في قلبه اطمئناناً، فإن وجد راحة وسكينة واطمئنان في هذه الطريق، بحيث تكون أيام العمل بها فترة للاستخارة والاستشارة ومراجعة نفسه في قرار دخول الطريق، فإن انشرح صدره للطريق ووجد راحة ورأى فيها الخير واطمئن قلبه تابع الخطوة الثانية، وإن وجد تردداً وشكاً وصعوبة رجع عن طلب السلوك، وبحث عن طريق آخر.

الخطوة الثانية قبل السلوك ذكر أسماء الأنفس السبعة

ثم بعد ذلك يعطي الشيخ أو نائبه طالب السلوك الأمر بالبدء بقراءة الأسماء السبعة الفروع الخاصة بالأنفس السبعة، وهي تعتبر من أهم الأوراد في الطريق ولابد منها، وكانت العادة عند المشايخ أن يعمل بها السالك بعد أخذ العهد والبيعة، ولكننا في هذا الزمان رأينا التهاون من طلبة السلوك وصاروا يتخذون سلوك الطرق كتجارب يخوضونها فتجده كل يوم يتنقل من طريقة لطريقة ولا يستقر على حال، وللحفاظ على هيبة الطريق وقواعدها رأينا أن يبدأ بها طالب السلوك قبل أخذ العهد والبيعة وذلك لعدة غايات أهمها:

1) تصفية النفس من الكدورات قبل دخول الطريق حتى يدخل الطريق بنفس طيبة طاهرة زكية فيعرف للطريق ومشايخها قدرها وحرمتها.

2) تكون فترة العمل بالأسماء فرصة للسالك ليفكر ويختار السلوك في الطريق بقناعة كاملة، فإن لم يجد السكينة والاطمئنان تابع وإلا رجع قبل العهد.

3) تدريب النفس والقلب والروح والجوارح على الوظائف والأوراد والعبادة والمجاهدة في الطريق فلا يكون من السالكين الضعفاء المتهاونين.

4) إعادة هيبة الطريق وحرمتها في قلوب السالكين ليعرفوا أنها طريق الخواص وطريق الرجال وليست للجميع.

5) ضبط العاملين على الطريق وفق قوانين وضوابط من شأنها الحفاظ عليها.

أسماء الانفس السبعة الفروع وعددها :

· النفس الأمارة: واسمها لا إله إلا الله: وعدده (100000) مرة.

· النفس اللوامة: واسمها الله : وعدده (100000) مرة.

· النفس الملهمة: واسمها يا هو: وعدده (100000) مرة.

· النفس المطمئنة: واسمها يا حق: وعدده (100000) مرة.

· النفس الراضية : واسمها يا حي: وعدده (100000) مرة.

· النفس المرضية: واسمها يا قيوم: وعدده (100000) مرة.

· النفس الكاملة: واسمها يا قهار: وعدده (100000) مرة.

وبعد الانتهاء من كل أسم تصلي ركعتين بنية قضاء الحاجة ثم تقرأ بعدهما هذا الدعاء:

1) اللهم إني أشتري منك نفسي الأمارة بمائة ألف من ذكر لا إله إلا الله.

2) اللهم إني أشتري منك نفسي اللوامة بمائة ألف من أسمك الله.

3) اللهم إني أشتري منك نفسي الملهمة بمائة ألف من اسمك يا هــــــو.

4) اللهم إني أشتري منك نفسي المطمئنة بمائة ألف من اسمك يا حق.

5) اللهم إني أشتري منك نفسي الراضية بمائة ألف اسمك يا حي.

6) اللهم إني أشتري منك نفسي المرضية بمائة ألف من اسمك يا قيوم.

7) اللهم إني أشتري منك نفسي الكاملة بمائة ألف اسمك يا قهار.

فإذا انتهى طالب السلوك من العمل بالأسماء السبعة الفروع، يكون قد انتهى من الخطوة الثانية من خطوات السلوك في الطريقة القادرية العلية المباركة، وينتقل للخطوة التي تليها وهي أخذ العهد والبيعة.

الخطوة الثالثة في السلوك أخذ العهد والبيعة

وبعد أن ينتهي طالب السلوك من العمل بأسماء الأنفس السبعة حسب الجدول المبين سابقاً، يصبح الآن مؤهلاً للتشرف بأخذ العهد والبيعة في طريقتنا القادرية العلية، وتكون هذه البيعة هي بداية دخوله في الطريقة المباركة وبأخذها يكون قد انتسب إليها، ويصبح من أبنائها السالكين فيها، ويترتب عليه القيام بجميع الواجبات فيها، وله كذلك جميع الحقوق التي للسالك في طريقتنا، كما يقول الإمام السهروردي في كتابه عوارف المعارف في لبس الخرقة وفيها معنى العهد والمبايعة: ارتباطٌ بين الشيخ وبين المريد، وتحكيمٌ مِن المريد للشيخ في نفسه، والتحكيم سائغ في الشرع لمصالح دنيوية، فماذا ينكر المنكر للبس الخرقة على طالب صادق في طلبه، يقصد شيخاً بحسن ظن وعقيدة، يحكمه في نفسه لمصالح دينه، يُرْشِدُه ويهذبه، ويعرفه طريق المواجيد، ويُبَصِّرُه بآفات النفوس وفساد الأعمال ومداخل العدو.

وهنا لابد من أن أبين لك ولدي السالك أنَّ العهد والبيعة أمانة كبيرة في عنقك ويجب أن تكون أهلاً لحمل هذه الأمانة العظيمة، وقد قال ربك جل وعلا في كتابه العزيز: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) [الإسراء:34].،

وقال كذلك سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)[الفتح:10].

وقال كذلك جل في علاه: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل:91].

وهنا يجب أن تعلم أن حقيقة العهد إنما هو العهد مع الله ورسوله صلَّى الله عليه وآله وسلم، وليس عهد الشيخ وإنما الشيخ وكيل وقائم وشاهد على هذا العهد المبارك، فيجب عليك أن تعرف قيمة وقدر ما أنت مقدم عليه ونكث العهود أمر ليس بمحمود العواقب.

فإن لم تكن أهلا لحمل هذه الأمانة فلا تحمل نفسك ما لا طاقة لك به، فإننا في زمن استهان السالكون وكذلك المشايخ بالعهد والبيعة حتى صار السالك يتجرأ على طلب الإجازة والخلافة قبل أخذه العهد والبيعة، ومنهم من جعل في عنقه العديد من العهود والبيعات، فكل يوم تراه في طريق، ودأبه التنقل من طريق إلى أخرى، ومن كان هذا حاله فالفوز والفلاح والوصول يفر منه حيثما توجه، لأنه رجل استهان بحرمة العهود والمواثيق التي يأخذها في كل طريق يدخلها، وهذا المرض هو أحد الأسباب التي دفعتني لتصنيف هذه الرسالة المباركة لأبين للسالكين حقيقة الطريقة وقيمة العهود والمواثيق، ومن كانت به هذه الصفة فهو ناكث للعهود وناكث العهود أنى يفلح في الطريق، ونكث العهد لا يرجع عليه إلا بالوبال والخسران، ويصبح مبغوضا مبعدا عن قلوب الصالحين والعارفين لكثرة نقضه للعهود، عافانا الله تعالى وإياكم آمين.

فاتق الله تعالى بنفسك أيها السالك ولا توردها موار.

وسأذكر الآن للسالك كيفية أخذ العهد والبيعة في الطريقة القادرية العلية، وقد قمنا بشرح العهد والبيعة في كتابنا الدرر اللجية في أصول الطريقة القادرية العلية، وسيطبع قريباً ويكون بين أيدكم إن شاء الله تعالى بطبعته الجديدة الفريدة المزيدة.

كيفية أخذ العهد والبيعة في الطريقة القادرية العلية

أولاً: ينبغي على المريد الذي يريد أخذ العهد والبيعة في طريقة سيدي عبد القادر الجيلاني أن يصليَ ركعتين بنية التوبة لله تعالى.

ثانياً: ثم يجلس المريد بين يدي شيخه ملاصقاً ركبتيه بركبتي شيخه وواضعاً يده اليمني بيد شيخه اليمنى.

ثالثاً: ثم يقرأ الشيخ ومعه المريد والحضور الفاتحة الشريفة إلى حضرة الحبيب المصطفى صلَّى الله عليه وآله وسلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين وآل بيته الطيبين الطاهرين والصحابة أجمعين وإلى روح سيدي الشيخ محي الدين عبد القادر الجيلاني وإلى إخوانه من الأولياء والصالحين ومشايخ الطريقة القادرية العلية المباركة، ويستمد من أرواحهم الزكية الطاهرة.

رابعاً: ثم يقول الشيخ والمريد يكرر وراءه: أستغفر الله العظيم. أستغفر الله العظيم. أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه. أشهد الله وملائكته ورسله وأنبياءه وأولياءه والحاضرين بأنني تائبٌ إلى الله تعالى منيبٌ إليه. وإنَّ الطاعة تجمعنا. والمعصية تفرقنا. وأن العهد عهد الله ورسوله صلَّى الله عليه وآله وسلم وأنَّ اليدَ يدُ شيخنا وأستاذنا سلطان الأولياء والعارفين الباز الأشهب سيدي الشيخ محي الدين عبد القادر الجيلاني قدس سره العالي. رضيت به شيخاً لي. وطريقته طريقة لي. ورضيت بالشيخ (يذكر اسم شيخ الطريقة الذي يؤخذ العهد عليه) وفي طريقتنا العلية نقول: ورضيت بالشيخ عبيد الله القادري الحسيني قدس الله سره شيخاً لي وطريقته طريقة لي، وعلى ذلك أحلل الحلال وأحرم الحرام. وألازم الذكر والطاعة بقدر الاستطاعة. والله على ما أقول وكيل. ثم يقول الشيخ سراً: (يا واحد يا ماجد انفحنا بنفحة توحيدك) ثلاث مرات.

خامساً: ثم يقرأ الشيخ آية المبايعة والمريد يسمعها منه ولا يكررها وهي قول الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [الفتح:10].

سادساً: ثم يقول الشيخ لمريده اسمع مني كلمة التوحيد: (لا إله إلا الله) ثلاث مرات متواصلة. ثم يقولها المريد ثلاث مرات متواصلة بعد الشيخ. ويجب أن تقال كلمة التوحيد بطريقة خاصة كما وردت عن سيدي عبد القادر الجيلاني رضي الله تعالى عنه وهي كالآتي: أن ينطق كلمة (لا) بالمد وهو يتوجه برأسه إلى جهة يمينه، ثم ينطق كلمة (إله) بالمد وهو متوجهاً برأسه من جهة اليمين إلى جبهته باتجاه الأعلى رافعاً رأسه إلى السماء، ثم ينطق كلمة (إلا الله) متوجهاً برأسه وبصره من الأعلى إلى جهة اليسار ليفرغها بجهة القلب، ويكرر هذا في المرات الثلاث وكل هذا وهو مغمض عينيه.

سابعاً: ثم يوصي الشيخ مريده بالوصايا اللازمة من الإكثار من تلاوة القرآن والإكثار من الذكر والعبادة ويوصيه بتقوى الله تعالى وطاعته، وحمل الأذى وترك الأذى والصفح عن عثرات الإخوان، وبذل الكف وسخاوة النفس، وترك الحقد والحسد والكذب والغيبة والنميمة والفحش في الكلام، والاستقامة على الوضوء وعلى الاستغفار والصلاة على النبي r، وبعد أن يسمع المريد هذه الوصايا يقول له الشيخ وأنا قبلتك ولداً في هذه الطريق وعلى هذه الشروط وعلى هذا المنوال.

ثامناً: ثم يدعو الشيخ للمريد بهذا الدعاء المبارك: (اللهم اجعلنا هادين مهتدين، غير ضالين ولا مضلين، سلماً لأوليائك، عدواً لأعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك، اللهم هذا الدعاء وعليك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان ولا حولا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. اللهم كن له براً رحيماً جواداً كريماً، اللهم دله بك إليك، اللهم خذه منه، اللهم افتح عليه ولديه فتوح الأنبياء والأولياء بجودك ورحمتك وكرمك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على سيدنا محمدٍ وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين . آمين).

تاسعاً: ثم يأخذ الشيخ كأساً من الماء ويقرأ عليه: (سَلاَمٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ. وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) عشراً ، وسورة الفاتحة ثلاثاً وسورة الإخلاص ثلاثاً وسورة الفلق ثلاثاً وسورة الناس ثلاثاً.

عاشراً: ثم يعطي الشيخ للمريد السالك أوراد الطريقة التي يبدأ بها بعد سلوكه وأخذ العهد والبيعة الشريفة، فيثبت له ما يثبت مما أعطاه سابقاً ويزيد له ما يزيد منها، ويبدأ بمرحلة جديدة من السلوك في طريق القوم.

وبهذا يكون المريد قد سلك الطريقة القادرية العلية وصار من أتباعها وفقرائها ويتبع ما يأمره به شيخه من آداب وتعليمات ويلازم ما يعطيه من الأذكار والأوراد والأدعية وسائر الأعمال والله تبارك وتعالى هو ولي التوفيق.

وهنا يبدأ سلوكك في الطريق بإشراف الشيخ المرشد أو خليفته أو وكيله الذي دخلت الطريقة من بابه، فالتزم معه وابدأ على بركة الله بما يأمرك به من الأعمال والأوراد وحافظ على آدابك تكن من الواصلين بإذن الله تعالى.

أخي السالك: قد بينت لك كل ما يتعلق بسلوك الطريقة فإن رغبت بالسلوك ودخول الطريقة فتواصل معنا من خلال الوسائل التالية:

· الواتساب أو الفايبر أو الاتصال الهاتفي على هذا الرقم : ( 00201204193623 ).

· صفحتنا على الفيسبوك: حساب الشيخ مخلف:

https://www.facebook.com/alaliaalkadria

· الاتصال بإدارة الموقع من خلال هذا الرابط:

· http://alkadriaalalia.com/contect.php

1) قلائد الجواهر ص 23.

2) الطبقات الكبرى الشعراني 1/129.

3) الطبقات الكبرى الشعراني 1/127.

4) الطبقــات الكبرى 1/128.

نقلاً عن كتاب

إرشاد الرفيق إلى كيفية سلوك الطريقة

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف