قواعد السلوك (4): التوبة الصحيحة
الكاتب: الشيخ القادري
سلسلة دروس قواعد السلوك
للشيخ مخلف العلي القادري الحسيني
القاعدة الرابعة: التوبة
الصحيحة
بسم الله
الرحمن الرحيم
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم ، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً وفقهاً
وإخلاصاً في الدين وبعد :
أحباب وإخوتي الكرام
أن
التوبة والإنابة هي أول الخطوات العملية في الطريقة وهي القاعدة الأساسية التي
ينطلق منها لأنك أيها المريد ستسلك في طريق عظيم طريق لا يسلكها الأطهار الأبرار
طريق توصلك لله تعالى فيجب عليك أن تكون طاهرا مثلهم ونقيا من الشوائب لذلك نجد
سيدي وأستاذي وقرة عيني الشيخ عبد القادر الجيلاني جعل أول خطوة في طريقه هي اخذ
العهد والبيعة وهي بطاقة الانتساب للطريق فتصبح من أهل الطريق بعد العهد والبيعة.
ومن أول آداب
البيعة والعهد في الطريق هو أن يصلي المريد ركعتين توبة لله تعالى يتوب بين يدي
ربه من كل المعاصي والذنوب حتى يدخل وهو منكسر لله تائب بين يديه ثم بعد ذلك يضع
المريد يده في يد الشيخ وأول كلمة ينطقها الشيخ هي الاستغفار ثلاث مرات والمريد
يكرر وراءه ثم بعد ذلك يقول الشيخ والمريد يكرر اشهد الله وملائكته ورسله وأنبياءه
وأولياءه بأنني تائب إلى الله تعالى منيب إليه هذه أول خطوة في العهد وهذه البيعة
كما وردت عن سيدي عبد القادر في أكثر من مرجع.
شروط التوبة:
·
أن يندم الإنسان على ما قصر وأذنب في حق الله .
· ورد الحقوق لأصحابها .
· ومن شروطها عدم الرجوع إلى الذنب مرة
أخرى.
·
العزم على عدم الرجوع إلى المعصية .
أما التوبة عند أهل الله والعارفين:
إن
التوبة عند أهل الله والعارفين لها مفهوم
مختلف! التوبة عندهم أن يتوب عن كل ما سوى
الله من المحبة والتعلق والعمل والخواطر والفكر! كل ما لا يتعلق بالله يتوب عنه بمعنى أن يفرغ قلبه وعقله وروحه من كل ما سوى الله فإن استطاع السالك أن يأتي بهذا المعنى وفق توفيقاً
عظيماً والتوبة عند أهل الله توبة النفس وتتبعها الجوارح، إذا تابت الروح تبعها كل شيء
فتوبة
النفس للعوام وتوبة القلب للخواص وتوبة
الروح لخواص الخواص والمريد يمر بها كلها وتوبة النفس يتحقق بها الإسلام وتوبة
القلب يتحقق بها الإيمان وتوبة الروح يتحقق بها الإحسان والله تعالى اعلم رزقنا
الله وإياكم التوبة النصوحة .
ولكن الأهم من هذا أن يبقى المريد في حالة
التوبة على الدوام والاهم هو المداومة وهذه من صفات رسول الله كان يستغفر باليوم
70 - 100 مرة في كل يوم وليلة، ومن الأولياء من يتوب في كل ساعة وكل نفس ويتوب عن
كل نفس يخرج منه دون ذكر لله ويتوب عن كل خطرة ليس فيها الله تعالى، وترك التوبة
عندهم ذنب أن كان ذنبه تمرداً، أما إن كان ضعفا فالله بتولاه لذلك من أحسن التوبة
نجا ومن أساء التوبة فلا خير فيه.
لماذا
يجب ملازمة التوبة عند أهل المعرفة:
لماذا
يستغفر رسول الله
ملازمة
الاستغفار والتوبة = دوام الترقي
ملازمة
التوبة والاستغفار = الخضوع والتواضع لله تعالى
هل عرفتم
أحبابي: هذا أهم الأمور بالنسبة للتوبة وآخر شيء أوصيك به اجعل لكل ذنب توبة السر
بالسر والعلانية بالعلانية تب إلى الله بعد كل معصية وتب إلى الله بعد كل طاعة التوبة
بعد المعصية تمحها والتوبة بعد الطاعة سبب في قبولها والله تعالى اعلم وفقني الله
تعالى وإياكم
وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين