جديد الموقع
الشيخ أبو بكر القادري => سير مشايخ الطريقة ۞ أهم مشاكل التصوف المعاصر => مقالات في التصوف ۞ اختلاف الأمة المضحك المبكي => مقالات الشيخ القادري ۞ آداب المريدين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ درس تجربة => دروس ومحاضرات فيديو ۞ الوفاء لأهل العطاء => التعريف بشيوخ الطريقة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞
الفائدة

فائدة عظيمة للثبات

الكاتب: الشيخ القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 4170

فائدة عظيمة للثبات

إنَّ من المعلوم أنَّ الإيمان يزيد وينقص، فهو يزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، وهذا هو حال أكثر الناس، إلا ما رحم ربي، فالمريد السالك إلى الله تعالى غالباً ما يكون حاله ما بين كَرٍ وَفــــرٍ. فتراه تارة مقبلاً على الله تعالى، مقبلاً على الطاعة والعبادة، مشتاقاً إلى الله، لا يترك لحظة إلا ويتقرب بها إلى الله، فيسير إلى الله تعالى قلباً وقالباً. ثم لا يلبث أنْ تفتر همته، وتبرد عزيمته، وتقل عبادته، فينقص إيمانه. فما هو الحل لهذه المشكلة التي يعاني منها كثير من السالكين الفقراء إلى الله؟ وكيف السبيل للثبات على العبادة ؟

لقد شكوت هذه المشكلة لسيدي الشيخ عبيد الله القادري 1، فأعطاني حلاً يثلج الصدر، ويقوي العزيمة، ويشد الهمة، وقد جربته وكانت النتيجة عظيمةً جداً فأحببت أنْ أضعه بين أيديكم لتستفيدوا منه جميعكم، فقد روى البخاري ومسلم عن أَنَسٍ عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلَّم قال: لاَ يُؤْمِنْ أَحَدُكُمْ حَتّى يُحِبّ لأِخِيهِ مَا يُحِبّ لِنَفْسِهِ.

وإليكم هذا الجواب الكافي:

قال لي الشيخ عبيد الله القادري حفظه الله تعالى: اعلم بني: أن قصور الحال لا يكون إلا بسببٍ واحدٍ وهو العجب بالنفس ورؤية العمل، فالمريد عندما تشتد عزيمته وتَكْثُرُ عبادته، تجده يركن إلى نفسه، ويرضى عنها، ويظن أنَّهُ قد أصبح فالحاً، وأنه ذو همة قوية، وأنه من السالكين إلى الله، ومتى ما نظر إلى نفسه ورضي عنها وقعت الكارثة ، فطريق القوم مبني على اتهام النفس، ومهما عملت فإياك أن تُشْعِرها بأنها قد أصبحت صالحة، فإنك إن رضيت عنها سَقَطْتَ في مهاوي الطريق و سَقَطْتَ من عين الله، وينبغي أن تتهمها بالتقصير مهما فعلت، والصالحون وصلوا إلى الله ونالوا أعلى المراتب ومازالوا يتهمون أنفسهم بالتقصير، وبذلك تابعوا سيرهم حتى وصلوا إلى الله، بقلوبٍ سليمةٍ طاهرةٍ، وكذلك طالب العلم يقع في هذه الحفرة عندما يكثر علمه، ويصير متكلماً بين الناس، واعظاً داعياً، فيظن أنه قد أصبح عالماً، فتجده يقع في هذه المحنة فيغلق عليه، وقد يُسلَبُ علمه، وعلاج هذا كله بشيئين واحد للسالكين وآخر لطلاب العلم وهما :

أما للمريد السالك: عليه أنْ يكثر من قراءة سِيَرِ الصالحين، وآثارهم، وأحوالهم، ومجاهداتهم، وعبادتهم، وآدابهم، وليجعل لنفسه ورداً يومياً من سِيَرِ الصالحين وكتب القوم، فإنه عندما يقرأ عن أحوال الصالحين كالمعروف الكرخي والسري السقطي وإبراهيم بن أدهم والجنيد البغدادي والإمام الجيلاني والقطب الرفاعي والسيد البدوي والقطب الدسوقي والإمام الشاذلي وغيرهم، فإنَّ نفسه ستحدثه أين أنت من هؤلاء، فتصغر نفسه وتَذِلُ فلا تجد مجالاً للعجب والكِبْر، وستكون أحوال الصالحين سداً منيعاً أمامها، على من ستتكبر وبمن ستعجب فتبدأ بالاشتياق للوصول إلى ما وصل إليه الصالحون، فتزداد همتها وتقوى عزيمتها شوقاً للحاق بهؤلاء القوم فلا تعرف اليأس والتقاعس فيكون حالها التقدم دائماً.

وأما لطالب العلم: عليه أن يُكثر من قراءة سير العلماء وأحوالهم وآثارهم، وليجعل لنفسه ورداً من هذا فإنه كلما قرأ عن أحد العلماء صغرت نفسه وأرادت اللحاق بهم فلا يتكبر ولا يعجب بنفسه عندما يرى أحوالهم فيكون حاله طلب المزيد ومهما بلغ من العلم ينظر إلى نفسه أنه مازال طالب علم، ومن أفضل الكتب التي تفيد في هذا العلاج قراءة كتب السيرة، وحياة الصحابة، ورجال حول الرسول، وحلية الأولياء، والأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية، وتنبيه المغترين، والطبقات الكبرى للإمام الشعراني، والفتح الرباني للإمام الجيلاني، وفتوح الغيب للإمام الجيلاني، والرسالة القشيرية، وإحياء علوم الدين للإمام الغزالي، ومدارج السالكين، وشرح الحكم العطائية لابن عجيبة، ولطلاب العلم أفضل كتاب هو صفحات من صبر العلماء للشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ومقدمة المجموع للإمام النووي، وإحياء علوم الدين ، وسيرة الأئمة الأربعة.

وقد جربته والحمد لله كانت النتيجة عظيمةٌ جداً بفضل الله تعالى ، فعليك به أخي الكريم إذا أردت دوام الحال، وهذا ليس من المحال، كما يدعي البعض، اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وارزقنا الحال الصادق معك، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً والحمد لله رب العالمين.

نقلاً عن كتاب

الكنوز النوارنية من أدعية واوراد السادة القادرية

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف