جديد الموقع
الوفاء لأهل العطاء => مقالات وأبحاث عامة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ عقيدتنا بالشيخ الأكبر => مقالات الشيخ القادري ۞ حكم العتاقة الكبرى والصغرى => فقه التصوف والسلوك ۞ حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً => فقه التصوف والسلوك ۞ الوفاء لأهل العطاء (2) => مقالات وأبحاث عامة ۞ المنظومة الحذيفية => مؤلفات الشيخ القادري ۞ alkhlasaalhama-fr => Ouvrages en Français ۞ alrsalaalhzaifi-fr => Ouvrages en Français ۞ الطراز المذهب في مولد الباز الاشهب => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المادة

عدد ذكر التوحيد في الخلوة

الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 4270

العدد المطلوب ذكره والإتيان به في الخلوة

اعلم أخي السالك وفقني الله تعالى وإياك: أن لكل خلوة من الخلوات عددٌ خاصٌ بها يندب قراءته في الخلوة، وقد ذكرنا هذا في كتابنا الثمار الحلوة، وسنذكر هنا العدد الخاص بخلوة التوحيد الشريفة، فنقول وبالله التوفيق:

اعلم أنه لم يرد عن القوم تقييد بالنسبة لعدد ذكر التوحيد في الخلوة بل تركوه مفتوحاً على قدر الاستطاعة والمطلوب هو أن تشغل وقتك كله بهذا الاسم، غير أني ومن خلال التجربة رأيت أنَّ ترك العدد مفتوحاً يورث الخمول والضعف لدى السالك الخلوتي، لأنه لا يجد شيئاً لازماً له، فيتهاون بالعدد، ومن المعلوم أنه كلما زاد العدد كلما زاد الانتفاع بالذكر، فالواجب عليه أن يبذل أقصى جهده لتحقيق أعلى عدد ممكن من ذكر كلمة التوحيد الشريفة للحصول على أكبر قدر من الفائدة.

وأفضل عدد يتحقق بالنسبة لخلوة التوحيد هو سبعون ألفاً في اليوم والليلة، وهو عدد الكمال ومن حافظ عليه ترقى للولاية، وهذا العدد لم يختاروه عن عبث بل وجدت أن الكثير من القوم قد ذكره وركز عليه، وقد ورد في غير مرجع من كتب القوم أن هذا العدد هو العدد الذي يفتح به على العبد وهو عدد الأولياء، وقالوا إنَّ من وصل لهذا العدد وحافظ عليه فتح الله عليه ولحق بالصالحين، ومن الذين ذكروه هو سيدي أبو طالب المكي في قوت القلوب وذكر أنه ورد الأولياء وبه يتحقق الفتح للسالك، ونجد أن سيدي عبد القادر اختار هذا العدد في رسالة الأنفس وجعله ذكر النفس الأمارة وهو سبعون ألفاً ليتخلص به من النفس الأمارة، وهذا بالتأكيد له أسرار عرفها من عرفها وجهلها من جهلها.

قال الشيخ ابن عربي في الفتوحات المكية والذي أوصيك به: أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار، بأن تقول: لا إله إلا الله سبعين ألف مرَّة، فإن الله يعتق رقبتك بها من النار أو رقبة من تقولها عنه من الناس.

وذكر الشيخ اليافعي الشافعي في كتابه الإرشاد والتطريز في فضل ذكر الله تعالى وتلاوة كتابه العزيز: عن الشيخ أبي زيد القرطبي المالكي أنه قال: سمعتُ في بعض الآثار أنَّ مَنْ قال: لا إله إلاّ الله سبعين ألف مرَّة كانتْ فداءه من النّار. وذكر الإمام الرافعي: أن شاباً كان من أهل الكشف ماتت أمه فبكى وصاح فسئل عن ذلك فقال: إنَّ أمي ذهبوا بها إلى النار، وكان بعض الإخوان حاضراً فقال: اللهم إني قد هللت سبعين ألف تهليلة وإني أشهدك أني قد أهديتها لأم هذا الشاب، فقال الشاب في الحال: أَخْرَجُوا أمي من النار الآن وأدخلوها الجنة، قال المهدي المذكور فحصل لي صدق الخبر، وصدق كشف الشاب.

وذكر الإمام الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير: قال صلى الله عليه وآله وسلم : من قال: لا إله إلا الله، كانت له كفارة لكل ذنب، قوله: كانت له كفارة لكل ذنب: ظاهره حتى للكبائر ولذلك اتخذها العارفون عتاقة واختاروا أن تكون سبعين ألفاً؛ لأنه ورد بها أثر كما نقل عن الشيخ السنوسي.

قال الحافظ النجم الغيطي: ينبغي للشخص أن يفعل ذلك اقتداء بالسادة الصوفية وامتثالاً لأقوال من أوصى به وتبركاً بأفعالهم، وقد ذكره الولي العارف بالله تعالى سيدي محمد بن عراق في بعض رسائله، قال وكان شيخه يأمر به، وأن بعض إخوانه يهلل السبعين ألفاً ما بين الفجر وطلوع الشمس، قال: وهذه كرامة من الله تعالى، فإن لم يستطع السالك الإتيان بسبعين ألفاً فليأتِ بخمسين ألفاً، فإن لم يستطع فليأتِ بخمس وعشرين ألفاً، وأقله اثنا عشر ألفاً، ومن نزل عن هذا العدد لم ينتفع بخلوته الانتفاع المرجو منها والله تعالى أعلم، ويستحب أن يكون ذكره بجلسة واحدة فهو خير من التحرك والمشي مع الالتزام بالآداب كاملة، فكلما كان ملتزماً بالآداب حقق فائدة أكبر، فما وصل من وصل إلا بالأدب، ويجعل ذكره مجالسَ متتالية فلا يقوم ولا يتوقف حتى يتعب وينهك فيقوم ويتروح قليلاً ثم يرجع لمجلس جديد، وهكذا ديدنه طوال الخلوة مجلساً تلو مجلسٍ حتى يفتح الله تعالى عليه.

نقلاً عن كتاب

العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف