جديد الموقع
الوفاء لأهل العطاء => مقالات وأبحاث عامة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ عقيدتنا بالشيخ الأكبر => مقالات الشيخ القادري ۞ حكم العتاقة الكبرى والصغرى => فقه التصوف والسلوك ۞ حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً => فقه التصوف والسلوك ۞ الوفاء لأهل العطاء (2) => مقالات وأبحاث عامة ۞ المنظومة الحذيفية => مؤلفات الشيخ القادري ۞ alkhlasaalhama-fr => Ouvrages en Français ۞ alrsalaalhzaifi-fr => Ouvrages en Français ۞ الطراز المذهب في مولد الباز الاشهب => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المادة

آداب جلسة الذكر في الخلوة

الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 4250

آداب جلسة الذكر في خلوة التوحيد

اعلم أخي السالك أنَّ القوم أجمعوا على أنَّ العبادة لا تكون كاملة تامة إلا بالإتيان بكامل آدابها، وكلما تحققت الآداب كلما زادت المنفعة والثمرة، وكلما نقصت الآداب كلما نقصت المنفعة والثمرة، ألا وإنَّ من أهم الآداب في الخلوة هي آداب جلسة الذكر التي تؤدي من خلالها وردك الذي ورَّدَكَ به شيخك، وهذه هي الآداب الخاصة بجلسة الذكر في الخلوة:

1) ينبغي أولاً أنْ تُعِدَّ لنفسك مجلساً مريحاً حتى لا تتعب في جلستك، وتضع تحتك ما يحول بينك وبين الأرض، بشرط ألا تبالغ بذلك كاتخاذ الفرش والقطيف مجلساً لك فإن هذا لا ينبغي لك وأنت في خلوة لتجاهد نفسك، بل بحدود ما يسد الحاجة لتأمين الراحة لمجلس الذكر فقط.

2) الطهارة الكاملة مع اتخاذ جميع الاحتياطات والإجراءات التي تعين في دوام الوضوء لكي لا ينشغل الخلوتي بالوضوء كل مدة فيقطع مجلسه كثيراً.

3) إغلاق جميع وسائل الاتصال لأنها أصبحت منتشرة بهذا الزمن كثيراً ولا غنى عنها ورأينا من اصطحبها لخلوته فشغلته، وزين له الشيطان أنه منشغل بالخير والدعوة والعلم، فأفسدت الاتصالات خلوته وخرج بكفي حنين.

4) تأمين كل ما يلزمه لمجلس ذكره في خلوته من أدعية وأذكار وسُبْحة وكتب ومصحف وسجادة صلاة، وماء ليشرب إن كان بغير وقت الصوم، لكي لا يقطع مجلسه لأي سبب منها.

5) موازنة الجو في مجلسك من حيث البرد أو الحر، سواء بما يؤمن هذا من أجهزة أو فرش وسجاد، أو من حيث اللباس الذي تلبسه في خلوتك، حتى تتمكن من المكوث طويلاً بقدر الاستطاعة ولا تقطع جلستك بسبب برد أو بسبب حر، وحتى تتقي من المرض والإرهاق.

6) التطيب وتطييب المكان بنوع من الطيب والعطر المستحب كالمسك والعنبر والعود، وكذلك تبخير المكان ببخور طيب فإن الأملاك الطاهرة تحبه، وتهرب منه الأرواح الخبيثة، ولا يمنع من رَشِّ المكان بماء الورد والزهر قليلاً.

7) الجلوس على ركبتيك كجلسة الصلاة مستقبلاً القبلة الشريفة مغمضاً عينيك إن كان وردك ذكراً، أو مع التركيز والحضور إن كان وردك قراءة، وكما بَـيَّنا فيما سبق احذر من الاستناد إلى جدار أو سارية، ولا يمنع من الاستعانة بوسادة تعينك إن كنت تشكو من تعب أو إرهاق أو كنت كبير السن، واعلم أن الاستغناء خيرٌ.

8) تبدأ بقراءة الفواتح الشريفة للنبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم ، وللإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، والسيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، ولأم المؤمنين خديجة وسائر أمهات المؤمنين، وساداتنا الإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة زينب ورقية والأئمة الأطهار سادتنا الإمام علي زين العابدين والإمام محمد الباقر والإمام جعفر الصادق والإمام موسى الكاظم والإمام علي الرضا عليهم السلام، وللشيخ عبد القادر الجيلاني رضيَ اللهُ عنه وإخوانه من الأقطاب والمدركين، ولمشايخ الطريق والغوث والإمامين والأوتاد والأقطاب والأبدال والأفراد والنجباء والخضر أبي العباس عليه السلام، وهذه الفواتح لها أسرار عجيبة في الحضور القبول والاستجابة.

9) القيام بالرابطة الشريفة التي سنبينها لك لاحقاً، فهي عظيمةُ الفضل وجليلةُ القدر لمن فعلها وحافظ عليها قبل جلسة الذكر، واحذر أن تضيعها.

10) ثم بعد ذلك تحسن نيتك وتصفيها وتنوي مجالسة الحق والتقرب إليه، والاستجابة لأمره في كتابه بكثرة الذكر حيث قال:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا) ، وتنوي كذلك تطهير النفس وتزكيتها من الأخلاق الفاسدة استجابة لأمر الله عز وجل الذي قال: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) ، واحذر من فساد نيتك فإنها إن فسدت أفسدت عملك كله فيكون بلا جدوى.

11) ثم تشرع بذكر التوحيد وترديد كلمة لا إله إلا الله، بصوت تسمعه أنت بين الجهر والإخفات، وتحاول أن تذكر بالطريقة التي وردت عن مشايخنا الكرام وهي كالتالي: أن تأخذ كلمة (لا) من طرفك الأيمن ماداً بها إلى جبهتك نافياً ما سوى الله وراء ظهرك، ثم في كلمة (إله) تشخص ببصرك للأعلى مستحضراً الحق عز وجل في قلبك مشاهداً لعظمته بعيني قلبك، ثم تفرغ كلمة (إلا الله) على جنبك الأيسر باتجاه قلبك مفرغاً نورها وعظمتها وبركتها وأسرارها في قلبك، وبهذه الطريقة تتابع حتى الانتهاء.

12) ثم إذا انتهيت من مجلسك المبارك وأردت التوقف عن ذكر التوحيد المبارك، عندها تقول آخر كلمة في مجلسك (لا إله إلا الله) ثم بعدها تقول: (سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين)، ثم تبدأ بقراءة توجه لا إله إلا الله، لتختم جلستك، وهذا هو التوجه الشريف:

v إلهي إله العالمين إلهي أظهر على ظاهري سلطان لا إله إلا الله.

v اللهم حقق باطني بحقائق لا إله إلا الله.

v أستغرق فيك ظاهري بإحاطة لا إله إلا الله.

v واحفظني اللهم بك في مراتب وجودك بشهودك حتى لا أشهد غير أفعالك وصفاتك بوجهك الحق لا إله إلا الله.

v اللهم نَوِّرْ قلبي وعقلي وجميع جوارحي بنور أنوار لا إله إلا الله.

v اللهم أحي قلبي بذكر لا إله إلا الله .

v اللهم صفِّ سريرتي وأحرق عوارض قلبي بأسرار لا إله إلا الله.

v وافتح عليَّ فتوح العارفين الواصلين الكاملين فتوح المحبين المحبوبين فتوحات لا إله إلا الله.

v وأحيني وأمتني يا كريم يا جواد يا حليم يا أرحم الراحمين ومشايخي وجميع المسلمين على كلمة لاإله إلا الله.

هذه أهم آداب جلسة الذكر في الخلوة فالتزم بها بقدر المستطاع في ذكرك الذي هو عماد خلوتك وتوكل على الله، والله ولي التوفيق.

نقلاً عن كتاب

العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف