جديد الموقع
الشيخ أبو بكر القادري => سير مشايخ الطريقة ۞ أهم مشاكل التصوف المعاصر => مقالات في التصوف ۞ اختلاف الأمة المضحك المبكي => مقالات الشيخ القادري ۞ آداب المريدين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ درس تجربة => دروس ومحاضرات فيديو ۞ الوفاء لأهل العطاء => التعريف بشيوخ الطريقة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المادة

رسالة الخلوة للقطب البريفكاني

الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 2184

رسالة آداب السلوك للشيخ نور الدين البريفكاني القادري

وهي رسالة عظيمة للإمام الجامع بين الشريعة والحقيقة حضرة مولانا السيد الشريف الشيخ نور الدين البريفكاني القادري الحسيني قدس الله سره، وهي رسالة نشرها أحد تلاميذ الشيخ وهو الشيخ الحسن الحبار في شرحه المسمى فيض الجمال ورقة 231.

كما تلقيتها عن سيدي الشيخ عبيد الله القادري، عن أخيه الشيخ محمد القادري، عن والده الشيخ أحمد القادري، عن والده الشيخ محمد الباقري القادري، عن الشيخ نور محمد البريفكاني، عن عمه الشيخ محمد النوري البريفكاني، عن عمه الشيخ القطب نور الدين البريفكاني قدس الله أسرارهم.

وهي رسالة عظيمة يشـرح فيها الشيخ نور الدين آداب دخول خلوة التوحيد للسالكين، وشرائطها، وهي تعتبر دستوراً لكل مريد قادري، قال عنها الشيخ عبد الحميد الأتروشي أحد أهم تلاميذ الشيخ: والله من استمسك بهذه الرسالة يكون معدوداً من زمرة السادات القادرية.

وقد رأيتها أول مرة مكتوبة بخط الشيخ عبيد الله القادري في كراسة كتبها بخط يده عن آداب الطريق ومنهج القوم في السير إلى الله تعالى، ثم بحثت عنها فوجدتها في بعض الكتب والمراجع، وقد أردت نقلها لكم لينتفع بها كل سالك، في طريقة الشيخ عبد القادر الجيلاني رضي الله عنه، وأحببت أن أجعلها في مقدمة الكتاب، وهذه هي الرسالة المباركة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فهذه رسالة وضعتها لفقراء القادرية الذين ينقطعون إلى الله تعالى ليعلموا كيف يكون سلوك طريق الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللَّهُ عنه فإني مارست طريقته في مدة مديدة حتى اطلعت على كيفية أركانها وشرائطها وكيفية آدابها المستعملة أثناء السلوك فيها، فأقول وبالله التوفيق: اعلم يا أخي الفقير القادري أنَّك إذا أردت السلوك بالكيفية التي كان يتمسك بها القطب الأكبر سلطان الأولياء الشيخ عبد القادر رضي اللَّهُ عنه وقصدتَ شيخك الذي تريده ينبغي أولاً أن تعتقد فيه كمال الولاية وبلوغ مقام الإرشاد لينفعك فإن لم تكن بهذه العقيدة فلا ينفعك ثم اذهب إليه وامتثل له واقبل ما يلقيه إليك من الآداب الظاهرة والباطنة, ثم إذا ورَّدَك وأدخلك في بيت الخلوة: ينبغي أَنْ يكون أمره لك بهذه الآداب والشرائط، فاغتسل كغسيل الميت أولاً، وإذا أُدخلت الخلوة فاعلم أنها قبرك فَتُبْ إلى الله من جميع الذنوب وانوِ ألاَّ ترجع إليها أبداً، فإذا جلست فالزم الاشتغال بقول لا إله إلا الله بلا إحصاء وفي كل مرة تلاحظ مع الكلمة نفي الآلهة الباطلة فإذا جاء وقت صلاة الصبح تصلي سنتها وتقرأ في الركعة الأولى: (قل يا أيها الكافرون) بعد الفاتحة, وفي الثانية (قل هو الله أحد), ثم تذهب إلى الجماعة فلا تفارق الجماعة ما أمكنك وفي المشي تنظر إلى محل الخطوة، وتردد لا إله إلا الله على لسانك، فإذا صليت الجماعة فارجع إلى الخلوة وتردد الكلمة إلى وقت الإشراق، ثم تصلي صلاة الإشراق بالسورتين المذكورتين، ثم تقعد مستقبلاً القبلة إن أمكنك وتردد الكلمة بشدة القلب إن لم يكن هناك أحدٌ إلى وقت الضحى، فتصلي صلاة الضحى ثماني ركعات، ثم تنام نوم القيلولة فإنها سنة، ثم تقوم عند يقظتك وتشتغل بالذكر إلى وقت صلاة الظهر ثم تحضُرُها (جماعة) فترجع كما سبق وتقعد في بيت الخلوة وتقرأ الفاتحة عشرين مرَّة وآية الكرسي كذلك والإخلاص أربعين مرة والاستغفار مائة مرة، ثم توهب الثواب لحضرة أولياء الطريقة ومشايخها ثم تقرأ القرآن إلى العصر إن أحسنته (أحسنت قراءة القرآن) وإلا فتردد الكلمة وعند العصر تصلي أربع ركعات وتحضر الجماعة، ثم ترجع بالكلمة إلى المغرب فإذا حضرتها ورجعت تصلي الراتبة (سنة المغرب البعدية)، ثم ست ركعات سنة الأوابين وتصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم مائة مرة هكذا (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلى آلِهِ وَسَلِّمْ عَدَدِ عِلْمِكَ) وإذا جاء العشاء احضر الجماعة وارجع وصلِّ الراتبة (سنة العشاء البعدية) ثم تجلس مستقبلاً القبلة وتردد الكلمة، وإن كنت صائماً فإذا جاءك العشاء ابتدئ بالأكل والشرب وفي بدء كل لقمة تسمِّي الله ولا تأكل مع شدة وكثرة بل تأكل أقل من الشبع، ثم تردد الكلمة مستقبلاً القبلة إلى نصف الليل أو قريبه ثم ركعات مع كمال الخشوع (ثماني ركعات قيام ليل)، فإن كان عندك القرآن اقرأ سورة يس وألم تنزيل والدخان والملك وعمَّ وهل أتى على الإنسان كل ذلك مرة وألم نشرح لك عشر مرات وقل هو الله أحد إحدى وعشرين مرة، وتوهب ثوابها للنبي صلَّى الله عليهِ وآلهِ وسلَّم وسائر النبيين والصحابة والملائكة والأئمة ومشايخ الطريقة وسائر المسلمين، فإذا غلبك النوم نَمْ وإلا استغفر الله مائة بالانكسار والتذلل والخضوع وتدعو حينئذ دعاء طويلاً للدارين (الدنيا والآخرة) لك ولمن أحببتهم من الآباء والأقرباء والمسلمين، ثم تشتغل إلى الصبح بالاستغفار والتضرع والدعاء وكلمة التوحيد، ثم تصلي الصبح كما مرَّ (جماعة) وهذه عادتك كل يوم وليلة وتجتهد في نفي الأغيار جداً باستحضار معنى الكلمة ولا تتكلم مع من يأتيك بالعشاء (الطعام) ما استطعت فإن الكلام مضرة عظيمة على السالك في إذهاب بهجة القلب ورونق نوره.

ولا تغفل عن رابطة شيخك واستحضار شبهه وتكلمه ما أمكنك وفي كل يوم وليلة تستمد من الشيخ عبد القادر رضي اللَّهُ عنه مرة ويكون بعد قراءة شيء من القرآن كما سبق، وتناديه يا شيخ الطريقة الغوث الغوث الغوث يا قطب العارفين ساعدني في هذه الطريقة فأنت وسيلتي إلى ربِّ العالمين، واستمدَّ في اليوم الثاني من الشيخ معروف الكرخي رضي اللَّهُ عنه وتقول يا إمام العارفين يا ناظر الحضرة يا رفيع الدرجة الغوث الغوث ساعدني في هذه الطريقة فأنت وسيلتي إلى ربِّ العالمين، واستمدَّ في اليوم الثالث من الشيخ الجنيد البغدادي رضي اللَّهُ عنه وتناديه يا سيدي ويا وسيلتي إلى ربِّ العالمين يا أبي يا مساعدي أنت الغوث القريب ومُلجئ البعيد ساعدني في هذه الطريقة عند ربِّ العالمين، واستمدَّ في اليوم الرابع من خاله السري السقطي رضي اللَّهُ عنه وتقول: يا شيخي يا مرشدي يا إمامي يا ناظر المريدين يا ضياء الدين أنا من ضعفاء أتباعك ومن فقراء طريقتك فانظر إلي بنظرة الشفقة فأنت أبي ووسيلتي في هذه الطريقة إلى ربِّ العالمين. فكذلك في كل يوم مع ليلته، لا تغفل عنهم فإنهم قريبون ينظرون إليك ويقرب الله ببركة دعائهم فَــتْحَكَ وحضور مطلوبك إلى زوال الغفلة ومشاهدة ربِّ العزة، فإذا انتهى السلوك وكنت من العامة لا تُنْقِصْ ذكر التوحيد من ستٍ وستين مرة بعد كل فريضة، وقراءة الفاتحة مائة مرة كل يوم وليلة، وتلازم دوام الوضوء إن استطعت والنوم عليه مع الأذكار المشروعة بعد الصلاة المكتوبة، وقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين وذكر الله إلى النوم، وعليك في كل وقت بمراقبة الله تعالى وقلة الكلام، ومعاشرة الخَلْقِ بالمعروف، وحمل أذى الناس ولا تذكر أحداً مع داعية النفس إلى مدحه وذمه أو غيبته، واصبر على الفقر والحلم والرضا بالمقدور والصبر على البلاء، والتوكل على الله وصحبة المسلمين ودعوتهم إلى الحق، وعدم بغض الظالمين والدعاء لهم بالتوبة، وكن شفيقاً بالعُصاة رحيماً بالعامة، قريباً إلى الفقراء بعيداً عن الأغنياء وأبناء الدنيا مع أنك شفيقٌ بهم تدعو لهم بالمغفرة والتوبة، ولا تسأل إلا عند الضرورة ولا تتكلم إلا عند الداعية إليه.

وإن أمكنك يا من لست بداخل الخلوة فالزم هذا الطريق الكيماوي، واتل بعد صلاة الصبح يا حليم ألف مرة، وبعد الضحى يا رحيم ألف مرة، وبعد الظهر يا رؤوف ألف مرة، وبعد العصر يا غفار ألف مرة، وبعد المغرب يا ستار ألف مرة، وبعد العشاء يا أحد ألف وخمسمائة مرة، وبعد التهجد أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه مائة مرة. فهذه طريقة الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس سره وصلِّ على النبي صَلَّى الله عَليهِ وآلِهِ وَسَلَّمْ يوم الجمعة بعد الصلاة ألف مرة:(اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما في علم الله صلاة دائمة بدوام ملك الله وعلى آله وصحبه وسلم)، واجتهد أن تقرأ بعد صلاة الصبح: الفاتحة ومن أول سورة البقرة إلى ((المفلحون))، وآية الكرسي، و((آمن الرسول)) إلى آخرها، و((شهد الله)) من آل عمران إلى ((بغير حساب))، و(( إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام)) إلى (( قريب من المحسنين)) من الأعراف، و((لقد جاءكم رسول)) إلى آخرها سبع مرات من التوبة، و((قل ادعو الله أو ادعو الرحمن)) من بني إسرائيل إلى آخرها، وعشر آيات من أول الكهف ونحوها من آخرها، ومن الروم (( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون)) إلى ((تنتشرون))، ومن أول الصافات إلى (( لازب)) ومن آخرها ((فإذا نزل بساحتهم)) إلى آخرها، ومن سورة حم غافر ثلاث آيات من أولها، ومن سورة الرحمن ((يا معشر الجن)) ثلاث آيات، ومن سورة الحديد ستاً من أولها، ومن الحشر((لا يستوي)) إلى آخرها، والواقعة جميعها، وتبارك الملك أيضاً جميعها، وعَمَّ، وألم نشرح لك، وإذا جاء نصر الله، وقل يا أيها الكافرون، والإخلاص، والمعوذتين، فهذه وظيفة الصباح من طريقة الشيخ عبد القادر قدس سره، فلو دورت شرقاً وغرباً ما ترى نظيرها في الثواب والنوال، وما دامت لك نفسٌ كن مستقيماً على أحكام الشريعة، وإلا فكيف تستقيم أنوار الطاعة مع ظلمة السيئات، فيا راغباً في طريق الشيخ الذي كتبه بيده المباركة للمريدين، فإن كنت من المريدين فخذه. وأنا الفقير إلى رحمة الله وحسن تأييده سيد نور الدين بن السيد عبد الجبار البريفكاني القائم على سجادة الطريقة القادرية وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.

نقلاً عن كتاب

العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف