جديد الموقع
دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الوفاء لأهل العطاء => مقالات وأبحاث عامة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ عقيدتنا بالشيخ الأكبر => مقالات الشيخ القادري ۞ حكم العتاقة الكبرى والصغرى => فقه التصوف والسلوك ۞ حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً => فقه التصوف والسلوك ۞ الوفاء لأهل العطاء (2) => مقالات وأبحاث عامة ۞ المنظومة الحذيفية => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المقال

حكم السالك إذا لم يجد شيخا كاملاً

الكاتب: مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 03-08-2024 القراءة: 487

ما الواجب على السالك إذا لم يجد شيخاً

كثير من السالكين يقضون وقتاً طويلاً من عمرهم في رحلة البحث عن الشيخ المربي، فمنهم من يوفقه الله تعالى فيجده، ومنهم من لا يوفق لذلك، فما هو الحل والسبيل والنصيحة لمن لم يجد الشيخ المربي، فنقول وبالله التوفيق:

أيها السالك: إذا لم توفق لملاقاة شيخ كامل ومرشد عارف بالله وبطريق القوم، يعينك ويدلك ويأخذ بيدك في طريقك إلى الله تعالى، فسأعطيك عدة حلول التزم بها، شرط متابعة البحث عن الشيخ المربي حتى تهتدي إليه وهي:

أولاً: إذا لم يجد المريد الشيخ المربي والمرشد كامل الصفات، فلا مانع من السلوك على يد شيخ أقل منه درجة، وإن لم تتوفر فيه كل الصفات، فيكفي ألا تكون فيه صفة تخل بالمشيخة، التي ذكرناها فيما سبق، ويجب أن يعلم أن هناك الكثير ممن لم يصلوا درجة الكمال في المشيخة، لكن توجد فيهم أغلب صفات الشيخ المربي، ويمكن أن يأخذوا بيده في بداية الطريق، بل وممكن أن يصل على أيديهم، وهم كثير، فلا مانع من التربية والسلوك من أحدهم حتى يوفقه الله ويدله على شيخ كامل، وليس كل الشيوخ على درجة واحدة من العلم والمعرفة والكمال، والله أعلم.

ثانياً: إذا لم يجد المريد الشيخ المربي والمرشد كامل الصفات الذي يتربى على يديه، فيستمر برحلة البحث عنه كما بينا، مع الالتزام بصحبة الإخوان الصالحين المستقيمين، الذين يذكرونه بالله تعالى إذا نسي، ويعينونه إذا أطاع، وصحبة هؤلاء تجعله من أهل الخير والصلاح، فلا يأنف عن صحبة إخوته، ولو لم يبلغوا درجة الإرشاد، فإن ذلك خير له من أن يبقى دون صحبة، وقد ورد في بعض الأخبار: «الجليس الصالح خير من الوحدة، والوحدة ‌خير ‌من ‌جليس ‌السوء»(1).

ثالثاً: ينبغي على السالك الذي لم يجد شيخاً يأخذ بيده، أن يلتزم بالفرائض والسنن والنوافل، فإنها تحفظه من مكائد الشيطان ووساوسه، ومن هواجس النفس وخواطرها، وتجعله في مأمن من الضلال والانحراف، وحفظ من الله عز وجل، وهي كفيلة بأن تقطع بك المراتب والمقامات، وتجهز نفسك وقلبك وروحك للدخول إلى حضرة القدس، وقد قال الحق عز وجل في الحديث القدسي: «من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي ‌بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت وأنا أكره مساءته»(2).

رابعاً: ومن الأمور التي ينبغي على السالك الذي لم يجد شيخاً يأخذ بيده، أن يلتزم بها هو كثرة ذكر الله عز وجل، وقد وردت أحاديث كثيرة تبين فضيلة الذكر وفوائده وثمرته، من أهمها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، فأنبئني منها بأمر أتشبث به، قال: لا يزال لسانك رطبا بذكر الله»(3).

خامساً: الالتزام بكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله سلم فقد أخبر بعض أهل الطريق أنها تنوب عن المربي حتى يوفقك الله لملاقاته والجلوس بين يديه، فالتزم بها وأكثر منها، وقد اختارها أهل الطريق من بين العبادات والأذكار لِسِرٍّ فيها يميزها عن غيرها وهذا السِّرُّ يتجلى في ثلاثة أمور وهي:

أولاً: أنها مقبولة لا ترد أبداً، وفي هذا تتحقق ثمرتها في الملتزم بها وهي كفيلة بأن تصلح السالك.

ثانياً: أن من يصلي على النبي فإن الله ورسوله وملائكته يصلون عليه ومن كانت هذه حاله فكيف يظل أو يزل.

ثالثاً: الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تورث المحبة وهي تورث الإتباع، ومن اتبع مع المحبة حفظ ووصل، والله اعلم .

يقول الشيخ أحمد زروق في قواعده: قال شيخنا أبو العباس الحضرمي في وصيته التي كتب لي بها يوم وداعه الأول: «وعليك بدوام الذكر وكثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهي سلم ومعراج وسلوك إلى الله تعالى، إذا لم يلق الطالب شيخناً مرشداً، فقد سمعت في سنة ست وأربعين وثماني مائة بالحرم الشريف بعض الصالحين روى في ذلك عن بعض أهل الصدق مع الله تعالى، وكلاهما معروفان رأيتهما، والله أعلم».

ويقول الشيخ أحمد بن موسى المشرع: «من لا شيخ له يربيه ويرقيه ويوصله إلى الله تعالى، فليلزم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فهي تربيه بأحسن الآداب النبوية، وتهذبه بأشرف الأخلاق المحمدية، وترقيه إلى أعلى ذروات الكمال، وتوصله إلى المحل الأسنى من حضرة الكبير المتعال، وتنعمه برؤية الله وقربة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم»(4).

سادساً: وهو من أفضل الحلول وأقومها، مع الالتزام بكل ما سبق ذكره من حلول ونصائح، وهو من تعاليم وتوجيهات طريقتنا القادرية العلية، وهو الاشتغال بأسماء الأنفس السبعة في طريقتنا القادرية العلية.

وعليه أن يكررها ويعيدها حتى يوفقه ويهديه الله عز وجل للشيخ المربي الكامل، بل إن بركة الاشتغال بهذه الأسماء السبعة ستهديه للشيخ العارف الكامل المربي، وربما توجه إليه قلوب الأولياء والعارفين في وقته وفي مكانه، والعبرة في ذلك أن هذه الأسماء السبعة لها أثر كبير في صلاح السالك ظاهراً وباطناً، فيصبح مؤهلاً لنظر الله عز وجل، ونظر أوليائه.

لذلك نوصي كل سالك ومريد لم يجد شيخاً يسلك بين يديه بالاشتغال بهذه الأسماء السبعة، مع المداومة على الفرائض والسنن والآداب والنوافل، وأن يكثر من ذكر التوحيد والاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مع استمراره بالدعاء والطلب من الله أن يدله على من يدله عليه.

واعلم أن هذه الأسماء مجربة لهذه المسألة، فلن ينتهي منها السالك حتى يوفقه الله عز وجل ويدله على الشيخ المربي الذي يأخذ بيده، وهي مستفادة من منهج الشيخ نور الدين البريفكاني في التربية والسوك، وكذلك شيخنا الشيخ أحمد الأخضر القادري، وقد جربها كثير من الإخوة فانتفعوا بها، وهيء الله عز وجل لهم السلوك من شيخ مرشد عارف كامل بإذن الله تعالى.

وهذه الأسماء السبعة هي: (لا إله إلا الله)، (الله)، (هو)، (حق)، (حي)، (قيوم)، (قهار)، وعدد كل اسم منها هو: (مائة ألف مرة)، كلما انتهى من اسم اشتغل بالاسم الذي بعده، حتى ينتهي منها.

المصدر: فقه التصوف والسلوك

لمخلف بن يحيى العلي القادري


(1) أخرجه أحمد بن حنبل في الزهد، والطبراني.

(2) متفق عليه.

(3) أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجه والترمذي والحاكم من وراية عبد الله بن بسر.

(4) الفرقان الدامغ بالحق أباطيل أهل البهتان، لأبي الهدى الصيادي، هامش ص100.