جديد الموقع
الشيخ أبو بكر القادري => سير مشايخ الطريقة ۞ أهم مشاكل التصوف المعاصر => مقالات في التصوف ۞ اختلاف الأمة المضحك المبكي => مقالات الشيخ القادري ۞ آداب المريدين => مؤلفات الشيخ القادري ۞ دعاء عظيم للحمل والذرية => فوائد ومجربات ۞ الصلاة الكبرى للجيلاني => مؤلفات الشيخ القادري ۞ الحرز الجامع والسيف المانع => مؤلفات الشيخ القادري ۞ درس تجربة => دروس ومحاضرات فيديو ۞ الوفاء لأهل العطاء => التعريف بشيوخ الطريقة ۞ تبصرة المسلمين وكفاية المحبين => مؤلفات الشيخ القادري ۞
المادة

التعليمات الأساسية للخلوة

الكاتب: الشيخ مخلف العلي القادري

تاريخ النشر: 11-06-2022 القراءة: 1470

التعليمات والشروط الأساسية قبل الخلوة

يجب أن تعلم أن هناك مجموعة من التعاليم والإرشادات والشروط المهمة الواجب توفرها قبل دخول الخلوة، ولابد من الالتزام بها لنجاحها، فاحرص عليها ولا تتهاون بها إن أردت الفوز والنجاح، واعلم أنَّ كل من تهاون بها من السالكين لم يظفر بالخير والفلاح، وهذه التعاليم المباركة هي:

1) أنْ تكون نيتك بدخول الخلوة خالصة لوجه الله تعالى بعيدة عن كل غاية دنيوية أو دنيئة، واحذر أن تدخل خلوتك بنية استملاك الخادم الروحاني، أو بنية الفتح، أو بنية المشاهدات والمكاشفات، أو الحصول على الكرامات؛ بل احرص أن تكون نيتك خالصة لله تعالى وهي مجالسة ملك الملوك سبحانه وتعالى والتقرب منه والتبتل إليه، والوصول لرضاه ونيل محبته، والتلذذ بحلاوة عبادته، والأنس بمجالسته، وهجر كل نية أخرى غير هذه النية.

2) الحصول على الإذن بدخول الخلوة من شيخه مع جميع التعليمات والإرشادات الخاصة بها، فإن ذلك من آداب الطريق اللازمة لجلب الفتح في الخلوة كما بينا، ودخولك من دون إذنه مخالفٌ لما عليه القوم، والمخالفة كفيلة بقطع الإمدادات والواردات كما بينا ذلك سابقاً.

3) لابد لمن يريد أنْ يدخل الخلوة أن يفرغ نفسه من الأعمال والأشغال الدنيوية، التي من شأنها إشغال فكره وقلبه أثناء الخلوة، ويوكل من يقوم عنه بأعماله ومراعاة مصالحه حتى لا يضطر لقطع خلوته لأي سبب كان.

4) تدريب النفس والقلب والجوارح قبلها بأيام على المجاهدات ليتعود على الصيام والقيام والعزلة والصمت وكل ما هو مطلوب في الخلوة، وذلك يتحقق بالبدء بصيام الاثنين والخميس، أو صيام يوم وإفطار يوم، وتقليل وجبات ومقادير الطعام، ويبدأ بتقليل ساعات النوم حتى يكون مستعداً للخلوة والمجاهدة وتكون جوارحه ونفسه قد اعتادت على ذلك، فإذا دخل الخلوة لم يجد عناءً في المجاهدة.

5) أن يدخل الخلوة بدون تحديد وتعيين وقت خروجه منها، لأن ذلك سيجعل النفس تتعلق بهذه المدة وتشتاق لانتهائها فتنشغل عن المراد والمقصود، بل يدخلها دون أن يحدث نفسه بالخروج منها حتى يأذن الله تعالى ولو كان وقته قليلاً، فإنَّ ذلك أقرب للفتح وأنجى له من وساوس النفس وتشتت القلب وانشغاله بما يقطع الخلوة، وهذا من الآداب الدقيقة التي لا يتنبه لها إلا الكاملون من المشايخ والصادقون من المريدين فتنبه وفقك الله لما فيه الخير.

6) أن يحذر السالك من الدخول في الخلوة وهو عاقٌ لوالديه، أو قاطعٌ لأرحامه، فإن كان من هؤلاء فيجب عليه التوبة والمسارعة لبِرِّ والديه ومصالحتهما وطلب الرضا والدعاء منهما، وكذلك يصل أرحامه، لأن قاطع الرحم وعاق الوالدين لا يصله الله أبداً، حتى لو دامت خلوته الدهر كله، لما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي اللَّهُ عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم: ((خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ فَلَـمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتْ الرَّحِمُ فَقَالَ مَهْ، قَالَتْ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ فَقَالَ: أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ)).

7) ويشترط على من أراد دخول الخلوة أنْ يرد الحقوق لأصحابها إن كان في ذمته حق لغيره من المسلمين أو من غير المسلمين، ويسدد دينه إن استطاع أو يستسمح صاحب الدين، فذلك أدعى أن يُفْتَحَ عليه، وكذلك يستحب له أن يصلح ذات البين ويصلح كل خصومة له مع أحدٍ من المسلمين.

8) تأمين كل ما يحتاجه أهله أثناء غيابه في خلوته من طعام وشراب ونفقة وحوائج، حتى لا ينشغل بالتفكير بهم أثناء الخلوة، ويجب أن يعلم أن الشيطان يتخذ من هذا الأمر مدخلاً ليفسد عليه الخلوة، وكم رأينا من سالكين أفسد الشيطان عليهم خلوتهم بهذا الأمر، حيث شغلهم الشيطان بالتفكير بأهلهم والخوف عليهم فقطع خلوتهم وخرجوا منها.

9) تأمين كل ما يحتاجه في خلوته من طعامٍ وشرابٍ ولباسٍ، وطيبٍ وبخورٍ، ولوازم نومه، ولوازم دوائه إن كان مريضاً، ومصحفٍ وكتبٍ وَسُبْحَةٍ وسجادةٍ وكل ما يلزمه فيها، ويصطحبها إلى مكان خلوته حتى لا تنقطع الخلوة بسبب أيَّة حاجة له أثناء الخلوة.

10) الحرص على دخول الخلوة في زاوية شيخه إن كان يوجد بها مكان مُعَدٌ للخلوات كما هو حال غالب الشيوخ، فإن لم يكن لدى الشيخ مكاناً خاصاً، وجب على السالك إعداد مكان خاص بخلوته بالإذن من شيخه، وللمكان الذي يصلح للخلوة صفات لابد من توفرها سنذكرها لاحقاً إن شاء الله تعالى.

11) التوبة من جميع الذنوب صغائرها وكبائرها، ظاهرها وباطنها قبل البدء بالخلوة، وعليه أن يكثر من الاستغفار وتجديد العهد مع الله تعالى.

12) ويفضل للخلوتي أن يكتم خبر دخوله للخلوة فلا يُعْلِمُ بذلك إلا شيخه وأهل بيته، لأن في الإعلان عنها أخطار جسيمة على قلبه ونفسه، وأهمها حسد بعض الإخوة له فتذهب البركة، ومنها الخوف من دخول العجب والرياء والسمعة وحب المدح إلى نفسه وقلبه، لذلك من الواجب عليه الكتمان قبل دخولها، ويجب عليه كتم أحواله وما تَحَصَّلّ عليه فيها بعد الخروج منها.

13) يفضل اختيار الأوقات المباركة والفضيلة من أيام السنة لدخول الخلوة، كشهر رمضان المبارك، وشهر رجب، وشهر شعبان، وعشر ذي الحجة، والأشهر الحرم، فإن هذه الأوقات فيها من الخصائص ما ليس في غيرها، فيستحب الحرص على اغتنامها.

أخي السالك قد بينت لك أهم التعاليم والشروط والآداب الواجب توفرها بها قبل دخول الخلوة المباركة، فاحرص على أن تؤديها وتلتزم بها بقدر المستطاع، فذلك أدعى للقبول والفتح والحضور مع الله عز وجل.

نقلاً عن كتاب

العقد الفريد في بيان خلوة التوحيد

للشيخ مخلف العلي الحذيفي القادري

حقوق النشر والطباعة محفوظة للمؤلف